وَلَقَد كَانَ سلفنا الصَّالح رضوَان الله عَلَيْهِم لطريق هَذَا الْخَوْف سالكين ولأزمة الْوَرع والخشية مالكين فتدافعوا الْفَتْوَى لشدَّة التَّقْوَى وَأَجَابُوا عَن الْيَسِير عِنْدَمَا سئلوا عَن الْكثير وأجروا الدُّمُوع فرقا وجروا إِلَى غَايَة التَّحَرِّي طلقا
ثمَّ آل الْأَمر إِلَى التسامح والتساهل والغفلة والتغافل فأطلقت أَعِنَّة الأقلام وَأرْسلت بَوَادِر الْكَلَام وطوي بِسَاط التورع راسا وعد التَّوَقُّف جَهَالَة أَو وسواسا وتوهموا التسرع دَلِيلا على كَثْرَة الْحَاصِل والإحجام عَلامَة على قلَّة الْوَاصِل وَأحد الْأَمريْنِ لَازم لَهُم إِمَّا أَن يدعوا أَنهم أعلم مِمَّن سبق أَو يسلمُوا أَنهم مَا طرق قُلُوبهم من مَخَافَة الله مَا ألم بقلوب العارفين وطرق هَذَا مَا يتَعَلَّق بغرور الْأُخْرَى
وَأما فِي الدُّنْيَا وَإِن كَانَ يعم كل تصنيف فَإِن الْمَرْء يتعب أفكاره ويكد ليله ونهاره ويقدح زناد القريحة حَتَّى يرى قدحه ويرقب فجر الْحَقَائِق حَتَّى يتبلج صبحه ويروض مصاعب النّظر حَتَّى يصحب جامحها ويستدني شوارد العبر حَتَّى يقرب نازحها فَإِذا ينجلي لَهُ من ذَلِك نادرة أبداها وَتَأمل أَن يودع بالفكر خاتمتها ويتلقى بالشكر مبداها قَامَ الْحَاسِد فقبح تِلْكَ الصُّورَة الْحَسَنَة وشانها وحقر تِلْكَ الْجُمْلَة الجميلة وشانها وَقَالَ بِلِسَان الْحَال أَو الْمقَال لقد دلاك أَيهَا المُصَنّف الْغرُور واستهواك الْغرُور وخاب العنا وصفر الإنا وطاش السهْم وَطَالَ الْوَهم وطاح الْفَهم فالروض هشيم والمرتع وخيم والمورد وشل وَإِن ظن أَنه جميم إِلَى أَمْثَال ذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute