يحْتَمل عود الضَّمِير إِلَى {مَا} وَإِلَى {عَبدنَا} لصِحَّة أَن يُقَال سُورَة كائنة من مثل مَا نزلنَا بِأَن تكون السُّورَة بعض مثل مَا نزل أَو يكون مثل مَا نزل مُبْتَدأ نُزُوله ولصحة أَن يُقَال سُورَة كائنة من مثل عَبدنَا بِأَن يكون قد قَالَه وَيكون تركيبه وَكَلَامه
وَأما إِن كَانَ {من مثله} مُتَعَلقا بفأتوا فَيتَعَيَّن أَن يكون عَائِدًا إِلَى {عَبدنَا} لِاسْتِقَامَةِ أَن يُقَال فَأتوا من مثل عَبدنَا أَي من عبد مثله بِأَن يكون كَلَامه وَلَا يَسْتَقِيم أَن يُقَال فَأتوا من عبد مثل مَا نزلنَا أَي من جِهَته إِذْ لَا يَسْتَقِيم أَن يُقَال أَتَى هَذَا الْكَلَام من فلَان إِلَّا إِذا كَانَ ذَلِك الفلان مِمَّن يُمكن أَن يكون هَذَا كَلَامه وَيكون هَذَا الْكَلَام مَنْقُولًا مِنْهُ مرويا عَنهُ وَهَذَا ظَاهر وَلِهَذَا مَا بسط الزَّمَخْشَرِيّ الْكَلَام فِيهِ بل اقْتصر على ذكره وَالله أعلم
وَأما قَوْلك ثامنا إِن السُّؤَال لم يخص بِهِ مُخَاطب دون مُخَاطب
فَهَذَا كَلَام المجانين لِأَنَّك بعثت هَذَا السُّؤَال على يَد الشَّيْخ عَلَاء الدّين الباوردي إِلَى خدمته وَطلبت مِنْهُ الْجَواب لَكِن لما اشْتبهَ عَلَيْك القَوْل أخذت تبدي النزق والعول فَتَارَة تمنع وتخاله صَوَابا وَأُخْرَى ترد وتظنه جَوَابا أما تستحيي من الْفُضَلَاء الَّذين كَانُوا مطلعين على هَذَا الْحَال وَلَقَد صدق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ (إِن مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولى إِذا لم تَسْتَحي فَاصْنَعْ مَا شِئْت)