للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توفّي رَحمَه اللَّه سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ لَا ثنتى عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول وَقد غلط ابْن قَانِع وَغَيره فَقَالُوا ربيع الآخر

قَالَ الْمَرْوذِيّ مرض أَبُو عَبْد اللَّه لَيْلَة الْأَرْبَعَاء لليلتين خلتا من ربيع الأول وَمرض تِسْعَة أَيَّام وَكَانَ رُبمَا أذن للنَّاس فَيدْخلُونَ عَلَيْهِ أَفْوَاجًا يسلمُونَ عَلَيْهِ وَيرد عَلَيْهِم وتسامع النَّاس وكثروا وَسمع السُّلْطَان بِكَثْرَة النَّاس فَوكل بِبَابِهِ وبباب الزقاق الرابطة وَأَصْحَاب الْأَخْبَار ثمَّ أغلق بَاب الزقاق فَكَانَ النَّاس فِي الشوارع والمساجد حَتَّى تعطل بعض الباعة وحيل بَينهم وَبَين البيع وَالشِّرَاء وَكَانَ الرجل إِذا أَرَادَ أَن يدْخل إِلَيْهِ رُبمَا دخل من بعض الدّور وطرز الحاكة وَرُبمَا تسلق وَجَاء أَصْحَاب الْأَخْبَار فقعدوا عَلَى الْأَبْوَاب وجاءه حَاجِب ابْن طَاهِر فَقَالَ إِن الْأَمِير يُقْرِئك السَّلَام وَهُوَ يَشْتَهِي أَن يراك فَقَالَ هَذَا مِمَّا أكره وأمير الْمُؤمنِينَ أعفاني مِمَّا أكره وَأَصْحَاب الْخَبَر يَكْتُبُونَ بِخَبَرِهِ إِلَى الْعَسْكَر وَالْبرد تخْتَلف كل يَوْم وَجَاء بَنو هَاشم فَدَخَلُوا عَلَيْهِ وَجعلُوا يَبْكُونَ عَلَيْهِ وَجَاء قوم من الْقُضَاة وَغَيرهم فَلم يُؤذن لَهُم وَدخل عَلَيْهِ شيخ فَقَالَ اذكر وقوفك بَين يَدي اللَّه فشهق أَبُو عَبْد اللَّه وسالت الدُّمُوع عَلَى خديه

فَلَمَّا كَانَ قبل وَفَاته بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ قَالَ ادعوا لي الصّبيان بِلِسَان ثقيل فَجعلُوا ينضمون إِلَيْهِ فَجعل يشمهم وَيمْسَح بِيَدِهِ على رؤوسهم وعينه تَدْمَع وأدخلت الطست تَحْتَهُ فَرَأَيْت بَوْله دَمًا عبيطا لَيْسَ فِيهِ بَوْل فَقلت للطبيب فَقَالَ هَذَا رجل قد فتت الْحزن وَالْغَم جَوْفه

واشتدت علته يَوْم الْخَمِيس ووضأته فَقَالَ خلل الْأَصَابِع فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْجُمُعَة ثقل وَقبض صدر النَّهَار فصاح النَّاس وعلت الْأَصْوَات بالبكاء حَتَّى كَأَن الدُّنْيَا قد ارتجت وامتلأت السكَك والشوارع

قَالَ الْمَرْوذِيّ أخرجت الْجِنَازَة بعد منصرف النَّاس من الْجُمُعة

<<  <  ج: ص:  >  >>