كَانَ بِالآخِرَة قد أعرض عَن كَثْرَة الْبَحْث والمناظرة وَأَقْبل على التِّلَاوَة والتأله والمراقبة
وَكَانَ ينهانا عَن نوم النّصْف الثَّانِي من اللَّيْل وَيَقُول لي يَا بني تعود السهر وَلَو أَنَّك تلعب وَالْوَيْل كل الويل لمن يرَاهُ نَائِما وَقد انتصف اللَّيْل
واجتمعنا لَيْلَة أَنا والحافظ تَقِيّ الدّين أَبُو الْفَتْح وَالْأَخ المرحوم جمال الدّين الْحُسَيْن وَالشَّيْخ فَخر الدّين الأقفهسي وَغَيرهم فَقَالَ لي بعض الْحَاضِرين نشتهي أَن نسْمع مناظرته وَلَيْسَ فِينَا من يدل عَلَيْهِ غَيْرك فَقلت لَهُ الْجَمَاعَة يُرِيدُونَ سَماع مناظرتك على طَرِيق الجدل فَقَالَ بِسم الله وفهمت أَنه إِنَّمَا وَافق على ذَلِك لمحبته فِي وَفِي تعليمي
فَقَالَ أبصروا مَسْأَلَة فِيهَا أَقْوَال بِقدر عددكم وينصر كل مِنْكُم مقَالَة يختارها من تِلْكَ الْأَقْوَال وَيجْلس يبْحَث معي
فَقلت أَنا مَسْأَلَة الْحَرَام
فَقَالَ بِسم الله انصرفوا فليطالع كل مِنْكُم وَيُحَرر مَا ينصره
فقمنا وأعمل كل وَاحِد جهده ثمَّ عدنا وَقد كَاد اللَّيْل ينتصف وَهُوَ جَالس يَتْلُو هُوَ وَشَيخنَا الْمسند أَحْمد بن عَليّ الْجَزرِي الْحَنْبَلِيّ رَحمَه الله فَقَالَ عبد الْوَهَّاب هَات حُسَيْن هَات هَكَذَا يخصني أَنا وَأخي بالنداء