ذكر الْوَالِد رَضِي الله عَنهُ مرّة مَا قَالَه السُّهيْلي فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أومخرجي هم) وَأَن فِيهِ دَلِيلا على حب الوطن ثمَّ قَالَ أحسن من حب الوطن أَن يُقَال تحركت نَفسه لما فِي الْإِخْرَاج من فَوَات مَا ندب إِلَيْهِ من إِيمَانهم وهدايتهم فَإِن ذَلِك مَعَ التَّكْذِيب والإيذاء مترقب وَمَعَ الْإِخْرَاج مُنْقَطع وَذَلِكَ هُوَ الَّذِي لَا شَيْء عِنْد الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام أعظم مِنْهُ لِأَنَّهُ امْتِثَال أَمر الله تَعَالَى وَأما مُفَارقَة الوطن فَهُوَ أَمر جبلي وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أجل وَأَعْلَى مقَاما من الْوُقُوف عِنْده فِي هَذَا الموطن الْعَظِيم
حضرت الْوَالِد رَحمَه الله مرّة فِي ختمة وَقد وصل الْقُرَّاء إِلَى سُورَة الْإِخْلَاص فقرءوها ثَلَاث مَرَّات على الْعَادة وَكَانَ على يَمِينه قَاضِي الْقُضَاة عماد الدّين عَليّ بن أَحْمد الطرسوسي الْحَنَفِيّ فَالْتَفت إِلَى الشَّيْخ الإِمَام وَقَالَ فِي خاطري دَائِما أَن أسأَل عَن الْحِكْمَة فِي إطباق النَّاس على تكريرها ثَلَاثًا
فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ الإِمَام لِأَنَّهُ قد ورد أَنَّهَا تعدل ثلث الْقُرْآن فَتحصل بذلك ختمة