وَكنت إِذا جِئْت غَالِبا من عِنْد شيخ يَقُول هَات مَا اسْتَفَدْت مَا قَرَأت مَا سَمِعت فأحكي لَهُ مجلسي مَعَه فَكنت إِذا جِئْت من عِنْد الذَّهَبِيّ يَقُول جِئْت من عِنْد شيخك وَإِذا جِئْت من عِنْد الشَّيْخ نجم الدّين القحفازي يَقُول جِئْت من جَامع تنكز لِأَن الشَّيْخ نجم الدّين كَانَ يشغلنا فِيهِ وَإِذا جِئْت من عِنْد الشَّيْخ شمس الدّين ابْن النَّقِيب يَقُول جِئْت من الشامية لِأَنِّي كنت أَقرَأ عَلَيْهِ فِيهَا وَإِذا جِئْت من عِنْد الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الأندرشي يَقُول جِئْت من الْجَامِع لِأَنِّي كنت أَقرَأ عَلَيْهِ فِيهِ وَهَكَذَا وَأما إِذا جِئْت من عِنْد الْمزي فَيَقُول جِئْت من عِنْد الشَّيْخ ويفصح بِلَفْظ الشَّيْخ وَيرْفَع بهَا صَوته وَأَنا جازم بِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يفعل ذَلِك ليثبت فِي قلبِي عَظمته ويحثني على ملازمته
وشغر مرّة مَكَان بدار الحَدِيث الأشرفية فنزلني فِيهِ فعجبت من ذَلِك فَإِنَّهُ كَانَ لَا يرى تَنْزِيل أَوْلَاده فِي الْمدَارِس وَهَا أَنا لم أل فِي عمري فقاهة فِي غير دَار الحَدِيث وَلَا إِعَادَة إِلَّا عِنْد الشَّيْخ الْوَالِد وَإِنَّمَا كَانَ يؤخرنا إِلَى وَقت اسْتِحْقَاق التدريس على هَذَا ربانا رَحمَه الله فَسَأَلته فَقَالَ ليقال إِنَّك كنت فَقِيها عِنْد الْمزي
وَلما بلغ الْمزي ذَلِك أَمرهم أَن يكتبوا اسْمِي فِي الطَّبَقَة الْعليا فَبلغ ذَلِك الْوَالِد فانزعج وَقَالَ خرجنَا من الْجد إِلَى اللّعب لَا وَالله عبد الْوَهَّاب شَاب وَلَا يسْتَحق الْآن هَذِه الطَّبَقَة اكتبوا اسْمه مَعَ المبتدئين فَقَالَ لَهُ شَيخنَا الذَّهَبِيّ وَالله هُوَ فَوق هَذِه الدرجَة وَهُوَ مُحدث جيد هَذِه عبارَة الذَّهَبِيّ فَضَحِك الْوَالِد وَقَالَ يكون مَعَ المتوسطين
هَذَا مَا نعرفه فِي الْمزي من جِهَة علم الحَدِيث
وَكَانَ كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ عَارِفًا باللغة والتصريف وَله مُشَاركَة فِي الْفِقْه ويخوض فِي شَيْء من مسَائِل الصِّفَات فِي أصُول الديانَات ليته برِئ مِنْهَا
وَأما المعقولات فَلم يكن يدريها وَلَعَلَّ الذَّهَبِيّ خطر لَهُ أَن ذَلِك الْقدر الَّذِي كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute