للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت لقد كَانَت هَاتَانِ الواقعتان الفظيعتان فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَرفع المحنة قبلهَا بِسنتَيْنِ فَهِيَ ذنُوب لاحقة لرفع الْفِتْنَة لَا سَابِقَة عَلَيْهَا

وَكَانَ من الْأَسْبَاب فِي رفع الْفِتْنَة أَن الواثق أُتِي بشيخ مُقَيّد فَقَالَ لَهُ ابْن أَبِي دؤاد يَا شيخ مَا تَقول فِي الْقُرْآن أمخلوق هُوَ

فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ لم تنصفني الْمَسْأَلَة أَنا أَسأَلك قبل الْجَواب هَذَا الذى تَقوله يَا ابْن أَبى دؤاد من خلق الْقُرْآن شئ علمه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم أَو جهلوه

فَقَالَ بل علموه

فَقَالَ فَهَل دعوا إِلَيْهِ النَّاس كَمَا دعوتهم أَنْت أَو سكتوا

قَالَ بل سكتوا

قَالَ فَهَلا وسعك مَا وسعهم من السُّكُوت

فَسكت ابْن أَبِي دؤاد وأعجب الواثق كَلَامه وَأمر بِإِطْلَاق سَبيله وَقَامَ الواثق من مَجْلِسه وَهُوَ عَلَى مَا حكى يَقُول هلا وسعك مَا وسعهم يُكَرر هَذِهِ الْكَلِمَة وَكَانَ ذَلِك من الْأَسْبَاب فِي خمود الْفِتْنَة وَإِن كَانَ رَفعهَا بِالْكُلِّيَّةِ إِنَّمَا كَانَ عَلَى يَد المتَوَكل

وَهَذَا الَّذِي أوردناه فِي هَذِهِ الْحِكَايَة هُوَ مَا ثَبت من غير زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَمِنْهُم من زَاد فِيهَا مَا لَا يثبت فاضبط مَا أَثْبَتْنَاهُ ودع مَا عداهُ فَلَيْسَ عِنْد ابْن أَبِي دؤاد من الْجَهْل مَا يصل بِهِ إِلَى أَن يَقُول جهلوه وَإِنَّمَا نِسْبَة هَذَا إِلَيْهِ تعصب عَلَيْهِ وَالْحق وسط فَابْن أَبِي دؤاد مُبْتَدع ضال مُبْطل لَا محَالة وَلَا يَنْتَهِي أمره إِلَى أَن يَدعِي أَن شَيْئا ظهر لَهُ وخفي عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاء الرَّاشِدين كَمَا حُكيَ عَنهُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَة فَهَذَا معَاذ اللَّه أَن يَقُوله أَو يَظُنّهُ أحد يتزيى بزِي الْمُسلمين وَلَو فَاه بِهِ ابْن أَبِي دؤاد لفرق الواثق من سَاعَته بَين رَأسه وبدنه

وَشَيخنَا الذَّهَبِيّ وَإِن كَانَ فِي تَرْجَمَة ابْن أَبِي دؤاد حكى الْحِكَايَة عَلَى الْوَجْه الَّذِي لَا نرضاه فقد أوردهَا فِي تَرْجَمَة الواثق من غير مَا وَجه عَلَى الْوَجْه الثَّابِت

<<  <  ج: ص:  >  >>