للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ يَحْيَى بْن أَكْثَم كَانَ الْمَأْمُون يحلم حَتَّى يغيظنا

وَقيل إِن ملاحا مر والمأمون جَالس فَقَالَ أتظنون أَن هَذَا ينبل فِي عَيْني وَقد قتل أَخَاهُ الْأمين يُشِير إِلَى الْمَأْمُون فَسَمعهُ الْمَأْمُون وَظن الْحَاضِرُونَ أَنه سيقضي عَلَيْهِ فَلم يزدْ الْمَأْمُون عَلَى أَن تَبَسم وَقَالَ مَا الْحِيلَة حَتَّى أنبل فِي عين هَذَا السَّيِّد الْجَلِيل

ولسنا نستوعب تَرْجَمَة الْمَأْمُون فَإِن الأوراق تضيق بهَا وَكِتَابنَا غير مَوْضُوع لَهَا وَإِنَّمَا غرضنا أَنه كَانَ من أهل الْعلم وَالْخَيْر وجره الْقَلِيل الَّذِي كَانَ يدريه من عُلُوم الْأَوَائِل إِلَى القَوْل بِخلق الْقُرْآن كَمَا جَرّه الْيَسِير الَّذِي كَانَ يدريه فِي الْفِقْه إِلَى القَوْل بِإِبَاحَة مُتْعَة النِّسَاء ثمَّ كَانَ ملكا مُطَاعًا فَحمل النَّاس عَلَى معتقده وَلَقَد نَادَى بِإِبَاحَة مُتْعَة النِّسَاء ثمَّ لم يزل بِهِ يحيى بْن أَكْثَم رَحمَه اللَّه حَتَّى أبطلها وَرُوِيَ لَهُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنَيِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِيهِمَا مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَلَمَّا صَحَّحَ لَهُ الْحَدِيثَ رَجَعَ إِلَى الْحَقِّ وَأما مسأله خلق الْقُرْآن فَلم يرجع عَنْهَا

وَكَانَ قد ابْتَدَأَ بالْكلَام فِيهَا فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَلَكِن لم يصمم وَيحمل النَّاس إِلَّا فِي سنة ثَمَان عشرَة ثمَّ عوجل وَلم يُمْهل بل توجه غازيا إِلَى أَرض الرّوم فَمَرض وَمَات فِي سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَتَيْنِ

واستقل بالخلافة بعده أَخُوهُ المعتصم بِاللَّه مُحَمَّد بْن هَارُون الرشيد بِعَهْد مِنْهُ وَكَانَ ملكا شجاعا بطلا مهيبا وَهُوَ الَّذِي فتح عمورية وَقد كَانَ المنجمون قضوا بِأَنَّهُ يكسر فانتصر نصرا مؤزرا وَأنْشد فِيهِ أَبُو تَمام الطَّائِي قصيدته السائرة الَّتِي أَولهَا

(السَّيْف أصدق أنباء من الْكتب ... فِي حَده الْحَد بَين الْجد واللعب)

(وَالْعلم فِي شهب الأرماح لامعة ... بَين الخميسين لَا فِي السَّبْعَة الشهب)

<<  <  ج: ص:  >  >>