قلت قَوْله وَخيرا بِهِ تَمام الْكَلَام وَقَوله مِمَّن صنف الْكتب ابْتِدَاء كَلَام آخر الْجَار وَالْمَجْرُور مِنْهُ فِي مَوضِع الْخَبَر والمبتدأ مَحْذُوف تَقْدِيره وَهُوَ مِمَّن صنف إِلَى آخِره وَلَيْسَ الْجَار وَالْمَجْرُور مُتَعَلقا بقوله وَخيرا فِيمَا يظْهر فَلَيْسَ أَبُو ثَوْر خيرا مِمَّن صنف الْكتب عَلَى الْإِطْلَاق
وَقَالَ الْخَطِيب كَانَ أَبُو ثَوْر أَولا يتفقه بِالرَّأْيِ وَيذْهب إِلَى قَول أهل الْعرَاق حَتَّى قدم الشَّافِعِي بَغْدَاد فَاخْتلف إِلَيْهِ وَرجع عَن الرَّأْي إِلَى الحَدِيث
وَقَالَ أَبُو حَاتِم هُوَ رجل يتَكَلَّم بِالرَّأْيِ فيخطئ ويصيب وَلَيْسَ مَحَله مَحل المسمعين فِي الحَدِيث
قلت هَذَا غلو من أَبِي حَاتِم وَلَيْسَ الْكَلَام فِي الرَّأْي مُوجبا للقدح فَلَا الْتِفَات إِلَى قَول أَبِي حَاتِم هَذَا وَهُوَ من الطّراز الأول الَّذِي قدمْنَاهُ فِي تَرْجَمَة أَحْمَد بْن صَالح الْمصْرِيّ
وَأَبُو ثَوْر أظهر أمرا من أَن يحْتَاج إِلَى تَوْثِيق وَقد قدمنَا كَلَام أَحْمَد بْن حَنْبَل فِيهِ وَكفى بِهِ شرفا
وَعَن أَحْمَد أَيْضًا أَنه سُئِلَ عَن مَسْأَلَة فَقَالَ للسَّائِل سل غَيرنَا سل الْفُقَهَاء سل أَبَا ثَوْر
وَقَالَ النَّسَائِيّ هُوَ أحد الْفُقَهَاء ثِقَة مَأْمُون
وَقَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحَاكِم كَانَ فَقِيه أهل بَغْدَاد ومفتيهم فِي عصره وَأحد أَعْيَان الْمُحدثين المتقنين
وَعَن أَحْمَد بْن حَنْبَل وَسُئِلَ عَن أَبِي ثَوْر أَنه قَالَ لم يبلغنِي إِلَّا خير إِلَّا أَنه لَا يُعجبنِي الْكَلَام الَّذِي يصيرونه فِي كتبهمْ
قلت وَلَيْسَ فِي هَذَا إِن ثَبت عَن أَحْمَد حط من قدر أَبِي ثَوْر لَا سِيمَا وَقد تقدم من كَلَام أَحْمَد فِي تَعْظِيمه مَا تقدم
وَقَالَ أَبُو عمر بْن عَبْد الْبر كَانَ حسن النّظر ثِقَة فِيمَا يرْوى من الْأَثر إِلَّا أَن لَهُ شذوذا فَارق فِيهِ الْجُمْهُور وَقد عدوه أحد أَئِمَّة الْفُقَهَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute