خلافًا لأحد من الْعلمَاء وَسبق الْفرق بَينه وَبَين المَاء فِي الِاسْتِدْلَال عَلَى أَبِي حنيفَة وَحَاصِله أَنه لَا يشق حفظ الْمَائِع من النَّجَاسَة وَإِن كثر بِخِلَاف المَاء انْتهى ونقلته من خطه
وَقد نقل بعد ذَلِك بِنَحْوِ عشرَة أوراق أَن صَاحب الْعدة حكى عَن أَبِي حنيفَة أَن الْمَائِع كَالْمَاءِ إِذا بلغ الْحَد الَّذِي يعتبرونه وَأما الْفرق الَّذِي ذكره فقد رَأَيْت الْقفال الْكَبِير فِي أَوَائِل كتاب محَاسِن الشَّرِيعَة فِي بَاب ذكر النَّجَاسَات أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا حَاصله إِن صون الْمَائِعَات بالتغطية مُمكن ومعتاد قَالَ وَالْمَاء خلقه اللَّه تَعَالَى يحْتَاج إِلَيْهِ جَمِيع الْحَيَوَان وَيكثر مَا لَا يكثر غَيره من الْمَائِعَات
وَفِي هَذَا الْفرق إِشَارَة إِلَى اعْتِبَار الْغَلَبَة فَلَا يَنْبَغِي أَن ينجس بِيَسِير النَّجَاسَة من الْمَائِع الْكثير الزَّائِد عَلَى قدر قُلَّتَيْنِ إِلَّا مَا جرت عَادَة النَّاس بحرزه فِي الْإِنَاء أما لَو فرض أَن يخلق اللَّه بحرا من زَيْت فَلَا يَنْبَغِي أَن يحكم بِنَجَاسَتِهِ بِوُقُوع مَا لَا يُغَيِّرهُ من النَّجَاسَات فَإِن الْمَحْكُوم بِنَجَاسَتِهِ إِنَّمَا هُوَ مَا يعْتَاد من الْمَائِعَات
وَإِنَّمَا ذكرت هَذِهِ الصُّورَة لوُقُوع الْبَحْث فِيهَا وَظن بعض النَّاس أَن كل مَائِع ينجس بِيَسِير النَّجَاسَة فَقلت لَهُ ذَلِك فِي الْمَائِعَات الْمُعْتَادَة أما هَذِهِ الصُّورَة فَلَا وجود لَهَا وَلم يتَكَلَّم السَّابِقُونَ فِيهَا وَلَا نجد مُصَرحًا من الْأَصْحَاب بهَا بل هَذَا الْفرق يرشد إِلَى أَن الحكم فِيهَا بِخِلَاف مَا توهم
قَالَ أَبُو ثَوْر سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول حضرت مَجْلِسا وَفِيه مُحَمَّد بْن الْحَسَن بالرقة وَجَمَاعَة من بني هَاشم وقريش وَغَيرهم مِمَّن ينظر فِي الْعلم فَقَالَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن قد وضعت كتابا لَو علمت أَن أحدا يرد عَلَي مِنْهُ شَيْئا تبلغنيه الْإِبِل لأتيته قَالَ فَقلت لَهُ قد نظرت فِي كتابك هَذَا فَإِذا مَا بعد الْبَسْمَلَة خطأ كُله قَالَ وَمَا ذَاك قلت لَهُ قَالَ أهل الْمَدِينَة كَذَا فَإِن أردْت كلهم فخطأ لأَنهم لم يتفقوا عَلَى مَا قلت وَإِن أردْت مَالِكًا وَحده فأظهر فِي الْخَطَأ إِذْ لَيْسَ هُوَ كل أهل الْمَدِينَة وَقد كَانَ من عُلَمَاء الْمَدِينَة فِي زَمَنه من يشْتَد نكيره عَلَيْهِ فَأَي الْأَمريْنِ قصدت فقد أَخْطَأت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute