للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد تعانى الشروطيون الْمُتَأَخّرُونَ أَن يجمعوا بَين الْأَمريْنِ فَيَقُولُونَ بِشَهَادَة فلَان وَفُلَان وَبِمَا يثبت بِمثلِهِ الْحُقُوق الشَّرْعِيَّة وَبعد اعْتِبَار مَا يجب اعْتِبَاره شرعا وَهُوَ عندى غير حسن فَإِنَّهُ إِن لم يكن للْحَاكِم مُسْتَند إِلَّا مَا صرح بِهِ وَهُوَ الْغَالِب فَذكر هَذِه الزِّيَادَة يُوهم أَن هُنَاكَ شَيْئا آخر ويسد الْبَاب على من لَعَلَّه محق فَهُوَ كذب وظلم وَإِن كَانَ لَهُ مُسْتَند آخر طواه فَلَا هُوَ الذى أبداه تتميما لرعاية الْمَحْكُوم عَلَيْهِ وَلَا الذى طوى غَيره مَعَه تتميما لرعاية الْمَحْكُوم لَهُ ففى هَذَا خُرُوج عَن سَبِيل الْفَرِيقَيْنِ

وَالْأولَى عندنَا مُخَالفَة ابْن سُرَيج والجريان على قَول عُلَمَائِنَا فى التَّصْرِيح بالمستند إِلَّا إِن كَانَ يخَاف مجادلة من يُجَادِل بِالْبَاطِلِ فَإِن استبان للقاضى وَجه الصَّوَاب فى وَاقعَة بطرِيق الْقطع أَو الظَّن الْغَالِب وخشى إِن هُوَ صرح بالمستند أَن يُجَادِل بِالْبَاطِلِ وَيبْطل الْحق فَالْأولى كتمان الْمُسْتَند وَإِلَّا فَالصَّوَاب ذكره فَإِنَّهُ أدفَع للتُّهمَةِ وأنفى للريبة وأصون للدّين

والرافعى اقْتصر على قَوْله وَيجوز أَن لَا يتَعَرَّض لأصل الشَّهَادَة فَيكْتب حكمت بِكَذَا لحجة أوجبت الحكم لِأَنَّهُ قد يحكم بِشَاهِد وَيَمِين وَقد يحكم بِعِلْمِهِ إِذا جَوَّزنَا الْقَضَاء بِالْعلمِ وَهَذِه حِيلَة يدْفع بهَا القاضى قدح أَصْحَاب الرأى إِذا حكم بِشَاهِد وَيَمِين وفى فحوى كَلَام الْأَصْحَاب وَجه مَانع من إِبْهَام الْحجَّة انْتهى

وَهَذَا الْوَجْه الْمَانِع قد يرجح ذكر الْحجَّة لِئَلَّا ينْقض عَلَيْهِ قَضَاهُ إِذا لم يذكرهَا إِن كَانَ فى النَّاس من ينْقض قَضَاهُ من يبهم الْحجَّة فليحترز الْحَاكِم فى ذَلِك وَالضَّابِط أَن إبداء الْحجَّة أولى إِلَّا أَن يخَاف فَوَات حق فليحتط الْحَاكِم وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح وسنعيد فِي تَرْجَمَة الماوردى ذكر الْمَسْأَلَة وَطَرِيق الشَّافِعِيَّة وتقديمهم الدَّاخِل على الْخَارِج وتبقيتهم الْأُمُور على مَا هى عَلَيْهِ حَتَّى يتَبَيَّن خِلَافه كل ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>