للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمن كَانَ خصما فى حُكُومَة لم يجز أَن يكون حَاكما فِيهَا كَمَا لَا يجوز أَن يحكم على غَيره لنَفسِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَو شهد للصبى الذى هُوَ قيمه بِمَال لم يقبل وَمن لايجوز شَهَادَته لشخص لم يجز حكمه لَهُ

قَالَ الْقفال فى شرح الْفُرُوع وَاخْتلف أَصْحَابنَا فى هَذِه الْمَسْأَلَة فَمنهمْ من وَافقه وَمِنْهُم من خَالفه لِأَن القاضى يلى أَمر الْأَيْتَام كلهم وَإِن يكن وَصِيّا من قبل فَلَا تُهْمَة هَذَا ملخص كَلَامه فى شَرحه

والرافعى صحّح أَن لَهُ الحكم وَعَزاهُ إِلَى الْقفال وَتبع فِي ذَلِك الشَّيْخ أَبَا على فَإِنَّهُ ذكر فى شرح الْفُرُوع أَنه سَمعه من الْقفال

وَاعْلَم أَن مَا صَححهُ الرافعى غير بَين وَلَا جُمْهُور أَئِمَّتنَا عَلَيْهِ بل الْبَين الذى يظْهر تَرْجِيحه قَول ابْن الْحداد وَقد ذكر ابْن الرّفْعَة فى الْمطلب أَنه الصَّوَاب

قَالَ وَالْفرق بَينه وَبَين غَيره من الْأَيْتَام أَن ولَايَة القاضى إِذا لم يكن وَصِيّا تَنْقَطِع عَن المَال الذى حكم بِهِ بِانْقِطَاع ولَايَته وَلَا كَذَلِك الوصى إِذا تولى الْقَضَاء فَإِن مَا حكم فِيهِ للْيَتِيم الَّذِي تَحت وَصيته يبْقى ولَايَته بعد الْعَزْل فَقَوِيت التُّهْمَة فى حَقه وضعفت فى حق غَيره

قلت وَهَذَا فرق صَحِيح وَلَا شكّ أَن الْحَاكِم الوصى يتَصَرَّف للْيَتِيم الذى هُوَ قيمه ويجتمع فى تصرفه وصفان بَينهمَا عُمُوم وخصوص كَونه حَاكما وَكَونه وَصِيّا وَحِينَئِذٍ فينبغى أَن يكون التَّصَرُّف بِكَوْنِهِ وَصِيّا وَهُوَ وصف لَا يحكم بِهِ فَلَا سَبِيل إِلَى حكمه إِذْ لَو حكم لَكَانَ بِكَوْنِهِ حَاكما وَلَو حكم بِكَوْنِهِ حَاكما لاحتاج إِلَى مُدع وَلَا مدعى إِلَّا الوصى وَهُوَ هُوَ فَلَو كَانَ حَاكما لم يكن حَاكما وَهُوَ خلف آيل إِلَى دور وَهَذَا سر دَقِيق أوضحته فى كتاب الْأَشْبَاه والنظائر فى قَاعِدَة منع التَّعْلِيل بعلتين

وبقى فى هَذَا الْفَرْع تَنْبِيه على عقدَة فى الْفَرْع لم أر من تكلم عَلَيْهَا لَا مِمَّن شرح الْفُرُوع وَلَا من غَيرهم وَذَلِكَ أَن ابْن الْحداد فرض الْفَرْع فى وصّى ولى الْقَضَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>