وَمِنْهَا إِذا تزوج ذمى ذِمِّيَّة صَغِيرَة من أَبِيهَا ثمَّ أسلم أحد أَبَوَيْهَا قبل الدُّخُول وتبعته فى الْإِسْلَام فانفسخ النِّكَاح
قَالَ ابْن الْحداد يسْقط الْمهْر لِأَن سَبَب فَسَاد النِّكَاح لم يُوجد من الزَّوْج
وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو على قَالَ بعض أَصْحَابنَا لَهَا نصف الْمهْر لِأَن الْفَسْخ وَإِن لم يكن من الزَّوْج فَلَيْسَ مِنْهَا أَيْضا وَإِذا لم يكن لَهَا صنع فى الْفِرَاق لم يسْقط كل الْمهْر
قلت وَقَائِل ذَلِك هُوَ شَيْخه الْقفال فَمن الْعجب كَونه لم يُصَرح باسمه وَكَذَلِكَ حكى الإِمَام الْمقَالة عَن بعض الْأَصْحَاب قبيل بَاب الصَدَاق وَلم يُصَرح باسم الْقفال أَيْضا فَمن أعجب الْعجب تَصْرِيح الْقفال بمقالة فى كَلَامه أطنب فِيهَا فى شرح الْفُرُوع ثمَّ لَا يحكيها عَنهُ الحاكون للقليل وَالْكثير فى كَلَامه الحريصون على الْبعيد والقريب من أنفاسه العارفون بغالب حركاته فى الْفِقْه وسكناته
وَهَذِه عِبَارَته فى شرح الْفُرُوع إِذا تزوج نصرانى صَغِيرَة ابْنة كتابيين فَأسلم أحد الْأَبَوَيْنِ انْفَسَخ نِكَاحهَا لِأَنَّهَا غير مَدْخُول بهَا وَحكم لَهَا بِالْإِسْلَامِ لإسلام أحد الْأَبَوَيْنِ
ثمَّ قَالَ صَاحب الْكتاب لَا مهر لَهَا على الزَّوْج لِأَن الزَّوْج لم يكن سَببا فى الْفَسْخ
وَهَذَا غلط وَهُوَ لَا يزَال يسْلك هَذِه الطَّرِيقَة بل يجب أَن يُقَال إِذا لم يحصل الْفَسْخ من جِهَة الْمَرْأَة فلهَا الْمهْر سَوَاء جَاءَ الْفَسْخ من جِهَة الزَّوْج أَو من جِهَة غَيره انْتهى
ثمَّ ذكر دَلِيله على ذَلِك وسنذكره
وَلم يحك القاضى أَبُو الطّيب فى شرح الْفُرُوع عَن الْقفال هُنَا شَيْئا وَإِنَّمَا عزا هَذِه الْمقَالة إِلَى بعض أَصْحَابنَا كَمَا فعل الشَّيْخ أَبُو على وَالْإِمَام رحمهمَا الله تَعَالَى
والقاضى أَبُو الطّيب فى أوسع الْعذر فَإِنَّهُ أكبر من أَن يحْكى مقالات الْقفال وحكايته فى مَسْأَلَة الْمِيرَاث عَنهُ مِمَّا يستغرب وَإِنَّمَا الْعجب إغفال الشَّيْخ أَبى على وَالْإِمَام ذكر الْقفال الذى قَالَه فى كِتَابه وَحَكَاهُ عَنهُ قاضى الْعرَاق فيالله الْعجب عراقى يحْكى مقَالَة خراسانى لَا يحكيها أَصْحَابه عَنهُ مَعَ ثُبُوتهَا عَلَيْهِ وَهَذَا عندى من عقد المنقولات