وَاعْلَم أَن مَسْأَلَة إِسْلَام الرجل على أم وابنتها قد أفْصح الْقفال فِيهَا بتغليط ابْن الْحداد وَزعم أَنه عكس التَّفْرِيع فَإِنَّهُ قَالَ إِن قُلْنَا باستمرار نِكَاح الْبِنْت كَمَا هُوَ الصَّحِيح سقط نِكَاح الْأُم بِنَاء على أَصله أَنَّهَا فرقة وَردت بِالشَّرْعِ قهرية فَلَا تشطر وَإِن قُلْنَا يتَخَيَّر فالمفارقة مَنْسُوب إِلَيْهِ اخْتِيَار فراقها فَقَالَ الْقفال ومتابعوه بل الْأَمر بِالْعَكْسِ بل الْجَواب على عكس مَا ذكره إِن قُلْنَا بِصِحَّة أنكحتهم فقد أفسدنا نِكَاح الْأُم بِكُل حَال للْعقد على الْبِنْت وَحِينَئِذٍ ففسخ النِّكَاح إِنَّمَا وَقع بِإِسْلَامِهِ وإسلامها جَمِيعًا وَالْفَسْخ إِذا وَقع قبل الدُّخُول بِسَبَب يشْتَرك فِيهِ الزَّوْجَانِ يجب الْمهْر كَمَا لَو تخالعا فَلَا يسْقط الْمهْر بل يتشطر وَتجب الْمُتْعَة
وَأما على القَوْل الذى يَقُول يمسك أَيَّتهمَا شَاءَ فَإِذا أمسك إِحْدَاهمَا جعل الثَّانِيَة كَأَن لم ينْكِحهَا قطّ فَلَا مهر وَلَا مُتْعَة وَيجوز لِابْنِهِ أَن يتَزَوَّج بهَا وَيكون بِمَنْزِلَة من لم يعْقد عَلَيْهَا هَذَا حَاصِل مَا ذكره
وَقَالَ القاضى أَبُو الطّيب الطبرى منتصرا لِابْنِ الْحداد وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح لِأَنَّهُ على الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا جعل الِاخْتِيَار إِلَيْهِ والوصلة والفرقة إِلَى إِرَادَته فَمن اخْتَارَهَا من أَكثر من أَربع وَمن الْمَرْأَة وعمتها أَو خَالَتهَا فنكاحها صَحِيح وَمن فَارقهَا مِنْهُنَّ وَقُلْنَا إِنَّهَا بِمَنْزِلَة من لم يعْقد عَلَيْهَا فَإِنَّمَا يصير بِهَذِهِ الْمنزلَة بِاخْتِيَارِهِ وَقد كَانَ يُمكنهُ أَن يُقيم على نِكَاحهَا بِاخْتِيَارِهِ إِيَّاهَا فَأوجب عَلَيْهِ نصف الْمهْر بذلك وأجرى مجْرى الْمُطلق لهَذِهِ الْعلَّة وَيُفَارق الْمَنْكُوحَة نِكَاحا فَاسِدا فى الْإِسْلَام فَإِنَّهُ يجب أَن يفرق بَينهمَا وَلَا اخْتِيَار لَهُ فِيهَا فَبَان الْفرق بَينهمَا
هَذَا كَلَام القاضى أَبى الطّيب وَهُوَ مُحْتَمل جيد يحْتَمل أَن يُقَال عدم إِمْسَاكه الْوَاحِدَة مَعَ قدرته وَلَكِن الشَّارِع لَهُ من إِِمْسَاكهَا بِمَنْزِلَة طَلاقهَا وَيحْتَمل أَلا يُقَال بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute