مبذول ليصير الْحق بَاطِلا وَالْبَاطِل حَقًا لِأَنَّهُ أَمر خفى لَا يُمكنهُ إِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَيْهِ دون الادعاء على القاضى فَلَمَّا لم يكن مستغنيا عَن الادعاء عَلَيْهِ جَازَ لَهُ الادعاء ليصون القاضى مَاء وَجهه فَيرد المَال عَلَيْهِ
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا دَعْوَى الطعْن على الشُّهُود مسموعة على القَاضِي لِأَنَّهُ رُبمَا يتَعَذَّر عَلَيْهِ إِقَامَة الْبَيِّنَة على فسق الشُّهُود انْتهى
وَحكى بعده الْوَجْهَيْنِ الْمَشْهُورين فى تَحْلِيفه إِذا أنكر
فَإِن قلت الْوَجْهَانِ فى الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِشَهَادَة فاسقين مشهوران
قلت كلا إِنَّمَا الْمَشْهُور الْوَجْهَانِ فى إِحْضَاره إِذا ادّعى عَلَيْهِ هَكَذَا أما أصل الدَّعْوَى فَقَالَ الرافعى إِنَّهُم متفقون على سماعهَا على الْجُمْلَة وَأنكر على الغزالى جعله الْوَجْهَيْنِ فى أصل الدَّعْوَى وَكَلَام ابْن جرير هَذَا صَرِيح فى أَن الدَّعْوَى لَا تسمع فَفِيهِ تأييد عَظِيم للغزالى لَا سِيمَا مَعَ اعتضاده بموافقة بعض الْأَصْحَاب بل غالبهم كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ القاضى أَبُو سعد فَإِن فى قَوْله قَالَ ابْن جرير وَغَيره من أَصْحَابنَا مَعَ قَوْله فى مُقَابِله وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا مَا يعْطى أَن الجادة على قَول ابْن جرير على خلاف دَعْوَى الرافعى الِاتِّفَاق نعم مَحل ذَلِك فصل الدَّعْوَى على القاضى الْمَعْزُول من كتاب الْأَقْضِيَة لَا بَاب الشَّهَادَة على الشَّهَادَة وَقَول ابْن جرير لَا يشْتَرط تَسْمِيَة شُهُود الأَصْل هُوَ الْمُخْتَص بِبَاب الشَّهَادَة على الشَّهَادَة فَكَانَ طَرِيق ابْن الرّفْعَة إِن لم يجد لَهُ من خلص الْأَصْحَاب مُتَابعًا أَن يَقُول وَلَا متابع لَهُ لكنه من أَصْحَابنَا