وسماعى مَرَّات كثيرات من الشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد رَحمَه الله وَهُوَ معتقدى أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يكن فَقِيرا قطّ وَلَا كَانَت حَالَته حَالَة الْفُقَرَاء بل كَانَ أغْنى النَّاس بِاللَّه وَكَانَ الله تَعَالَى قد كَفاهُ أَمر دُنْيَاهُ فى نَفسه وَعِيَاله ومعاشه
وأحفظ أَن الشَّيْخ الإِمَام رَحمَه الله أَقَامَ من مَجْلِسه من قَالَ كَانَ النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقِيرا قيَاما صعبا وَكَاد يَسْطُو بِهِ وَمَا نجاه مِنْهُ إِلَّا أَنه استتابه واستسلمه
وَكَانَ رَحمَه الله يَقُول فى قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللَّهُمَّ أحينى مِسْكينا) إِن المُرَاد بِهِ استكانة الْقلب لَا المسكنة الَّتِى هى أَن يجد مَا لَا يَقع موقعا من كِفَايَته وَذكر ذَلِك فى بَاب الْوَصِيَّة من شرح الْمِنْهَاج وسمعته مِنْهُ كَذَا كَذَا مَرَّات لَا أحصى لَهَا عددا
وَكَانَ رَحمَه الله يشدد النكير على من يعْتَقد ذَلِك وَالْحق مَعَه رضى الله عَنهُ فَإِن من جَاءَت إِلَيْهِ مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض وَكَانَ قَادِرًا على تنَاول مَا فِيهَا كل لَحْظَة كَيفَ يُوصف بِالْعدمِ وَنحن لَو وجدنَا من مَعَه مَال جزيل فى صندوق من جَوَانِب بَيته لَو سمناه بسمة الْغناء المفرط مَعَ الْعلم بِأَنَّهُ قد يسرق أَو تغتاله غوائل الزَّمَان فَيُصْبِح فَقِيرا فَكيف لَا يُسمى من خَزَائِن الأَرْض بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أقرب من الصندوق إِلَى صَاحب الْبَيْت وهى فى يَده بِحَيْثُ لَا تَتَغَيَّر بل هُوَ آمن عَلَيْهَا بِخِلَاف صَاحب الصندوق فَمَا كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقِيرا من المَال قطّ وَلَا مِسْكينا نعم كَانَ أعظم النَّاس جوارا إِلَى ربه وخضوعا لَهُ وأشدهم فى أظهار الافتقار إِلَيْهِ والتمسكن بَين يَدَيْهِ
ذكر أَبُو حَاتِم حَدِيث قَوَائِم الْمِنْبَر رواتب فى الْجنَّة وَبَوَّبَ عَلَيْهِ برجاء نوال الْجنان بِالطَّاعَةِ عِنْد مِنْبَر الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم