وَذكر الْحَاكِم أَنه جرت بَينه وَبَين الْأُسْتَاذ أَبى سهل مناظرة فَأَغْلَظ لَهُ الْأُسْتَاذ القَوْل فَخرج أَبُو عبد الله مستوحشا فَكتب إِلَيْهِ الْأُسْتَاذ أَبُو سهل
(أعيذ الْفَقِيه الْحر من سطوة السخط ... مصونا عَن الأنظار يجلبها الْغَلَط)
(تضايق حَتَّى لَا يسوغ لَفْظَة ... وَيَعْتِبُ من لفظ يفور على اللَّغط)
(أحاكمه فِيهِ إِلَيْهِ محكما ... وأسأله عفوا لنادرة السقط)
(وَمهما غَدا وَجه الصَّوَاب حفاظه ... فَإِن سداد الرأى يلْزمه النمط)
(ونشرى لمطوى خلاف إمامنا ... وطيى لمنشوروفاء بِمَا شَرط)
(شددت على باغى الْفساد وَلم أدع ... عَلَيْهِ من الْحبّ الْيَسِير لمن لقط)
(على رمد جَاءَ القريض مرمدا ... ورائقه بِالْبرِّ قد يحمل السفط)
قَالَ الْحَاكِم فأنشدنى أَبُو عبد الله جَوَابه عَنْهَا
(جفَاء جرى جَهرا لَدَى النَّاس وانبسط ... وَعذر أَتَى سرا فأكد مَا فرط)
(مَتى طَالب الشَّيْخ الْفَقِيه بِحقِّهِ ... وضيع حَقًا لى عَلَيْهِ فقد قسط)
(سبيلى إِذا ضايقته فى الْعُلُوم أَن ... يضايقنى فِيهَا وَلَا يركب الشطط)
(وعدت أناديه الَّتِى خصنى بهَا ... فَلَا حاسب أحصى وَلَا كَاتب ضبط)
(فَمن أجلهَا فى دَاره إِذْ حضرتها ... سَطَا واعتدى فى القَوْل وَالْفِعْل واحتلط)
(فأى ملام يلْحق الْحر بعْدهَا ... إِذا هُوَ من جِيرَانه أبدا قنط)
(هجرت اقتراض الشّعْر لما انْقَضى الصِّبَا ... وَلما رَأَيْت الشيب فى عارضى وَخط)
(ولولاه لَا نثالت قواف محلهَا ... صُدُور ذوى الْآدَاب لَا فارغ السفط)