وحفى للأقدام فَقضيت الذمام وقرنت رد جَوَابه بالاستلام وَقلت حييت بالإكرام وحييت بَين كرام ثمَّ استصحبنى وَسَار فتبعته مُتَابعَة الْعَامَّة أولى الْأَبْصَار حَتَّى انْتهى إِلَى الْمَقْصد وَدخل دَار بعض وُجُوه الْبَلَد وفيهَا قد حضر جمَاعَة للنَّظَر فَلَمَّا رَآهُ الْقيام تسارعوا إِلَى الْقيام واستقبلوه إِلَى الْبَاب وتلقوه بالترحاب وبالغوا بِالسَّلَامِ وَمَا يَلِيق بِهِ من الْإِكْرَام ثمَّ عظموه وَإِلَى الصَّدْر قدموه وَأَحَاطُوا بِهِ إحاطة الهالة بالقمر والأكمام بالثمر ثمَّ أَخذ الْخِصَام يتجاذبون فى المناظرة أَطْرَاف الْكَلَام وَكنت أنظر من بعيد مُتكئا على حد سعيد حَتَّى التقى الْجمع بِالْجمعِ وقرع النبع بالنبع فَبَيْنَمَا هم يرْمونَ فى عمايتهم ويخبطون فى غوايتهم إِذْ دخل الشَّيْخ دُخُول من فَازَ بنهزة الطَّالِب وفرحة الْغَالِب بِلِسَان يفتق الشُّعُور ويفلق الصخور وألفاظ كغمزات الألحاظ والكرى بعد الاستيقاظ أرق من أَدِيم الْهَوَاء وأعذب من زلال المَاء وَمَعَان كَأَنَّهَا فك عان وَبَيَان كعتاب الكعاب وَوصل الأحباب فى أَيَّام تفِيد الصم بَيَانا وتعيد الشيب شبانا تهدى إِلَى الرّوح روح الْوِصَال وتهب على النُّفُوس هبوب الشمَال وَكَانَ إِذا أنشا وشى وَإِذا عبر حبر وَإِذا أوجز أعجز وَإِذا أسهب أذهب فَلم يدع مشكلة إِلَّا أزالها وَلَا معضلة إِلَّا أزاحها وَلَا فَسَادًا إِلَّا أصلحه وَلَا عنادا إِلَّا زحزحه حَتَّى تبين الحى من اللى والرشد من الغى ورفل الْحق فى أذياله واعتدل باعتداله وَأَقْبل عَلَيْهِ الْخَاصَّة والعامة بإقباله فَلَمَّا فرغ من إنْشَاء دلَالَته بعد جولانه فى هيجاء البلاغة عَن بسالته حَار الْحَاضِرُونَ فى جَوَابه وتعجبوا من فصل خطابه وَعَاد الْخُصُوم كَأَنَّهُمْ فرَاش النَّار وخشاش الْأَبْصَار وأوباش الْأَمْصَار عَلَيْهِم الدبرة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute