وَكَانَ رجلا رَئِيسا يُقَال إِنَّه الذى أَدخل مَذْهَب الشافعى إِلَى دمشق وَإنَّهُ كَانَ يهب لمن يحفظ مُخْتَصر المزنى مائَة دِينَار وَكَانَ قد قَامَ مَعَ أَحْمد بن طولون فى خلع أَبى أَحْمد الْمُوفق ووقف عِنْد الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة وَقَالَ أَيهَا النَّاس أشهدكم أَنى خلعت أَبَا أَحْمد كم يخلع الْخَاتم من الْأصْبع فالعنوه
فعل ذَلِك أَبُو زرْعَة بِأَمْر أَحْمد بن طولون وَكَانَت قد جرت وقْعَة بَين ابْن الْمُوفق وَبَين خمارويه بن أَحْمد بن طولون تسمى وقْعَة الطواحين انتصر فِيهَا أَحْمد بن الْمُوفق وَرجع إِلَى دمشق وَكَانَت هَذِه الْوَقْعَة بنواحى الرملة فَقَالَ ابْن الْمُوفق لكَاتبه أَحْمد بن مُحَمَّد الواسطى انْظُر من كَانَ يبغضنا فَأخذ يزِيد بن عبد الصَّمد وَأَبُو زرْعَة الدمشقى والقاضى أَبُو زرْعَة مقيدين فاستحضرهم يَوْمًا فى طَرِيقه إِلَى بَغْدَاد فَقَالَ أَيّكُم الْقَائِل قد نزعت أَبَا أَحْمد فربت ألسنتهم ويئسوا من الْحَيَاة
قَالَ أَبُو زرْعَة الدمشقى أما أَنا فأبلست وَأما يزِيد فخرس وَكَانَ تمتاما وَكَانَ أَبُو زرْعَة مُحَمَّد بن عُثْمَان أحدثنا سنا فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير
فَقَالَ الواسطى قف حَتَّى يتَكَلَّم أكبر مِنْك
فَقُلْنَا أصلحك الله هُوَ يتَكَلَّم عَنَّا
فَقَالَ تكلم
فَقَالَ وَالله مَا فِينَا هاشمى صَرِيح وَلَا قرشى صَحِيح وَلَا عربى فصيح وَلَكنَّا قوم ملكنا يعْنى قهرنا ثمَّ روى أَحَادِيث فى السّمع وَالطَّاعَة وَأَحَادِيث فى الْعَفو وَالْإِحْسَان وَكَانَ هُوَ الْمُتَكَلّم بِالْكَلِمَةِ الَّتِى يُطَالب بهَا وَقَالَ إنى أشهدك إيها الْأَمِير أَن نسائى طَوَالِق وعبيدى أَحْرَار ومالى حرَام إِن كَانَ فى هَؤُلَاءِ الْقَوْم أحد قَالَ هَذِه الْكَلِمَة ووراءنا حرم وعيال وَقد تسامع النَّاس بهلاكنا وَقد قدرت وَإِنَّمَا الْعَفو بعد الْقُدْرَة
فَقَالَ للواسطى أطلقهُم أطلقهُم لَا كثر الله أمثالهم