وعَلى هَذَا لَو كتب الْحَاكِم إِلَى حَاكم بِأَنَّهُ شهد عندى عَدْلَانِ لرجل سَمَّاهُ على فلَان وَلم يذكر فى الْكتاب أَنه ثَبت عِنْده بِشَهَادَتِهِمَا وَلم يقل قبلت شَهَادَتهمَا وَإِنَّمَا نقل الشَّهَادَة فَقَط فَهَل يجوز للمكتوب إِلَيْهِ أَن يحكم فِيهِ وَجْهَان
هَذَا كُله كَلَام شُرَيْح فى كِتَابه فى أدب الْقَضَاء وَلم أَجِدهُ بجملته فى غَيره وَفِيه غرائب وفوائد
وسيأتى إِن شَاءَ الله فى تَرْجَمَة شُرَيْح قَول الإصطخرى فِيمَن اسْتَأْجر رجلا أَن يحمل لَهُ كتابا إِلَى آخر ويأتى بجوابه فأوصل الْكتاب وَلم يكْتب الْمَكْتُوب إِلَيْهِ الْجَواب أَن للحامل الْأُجْرَة بكمالها لِأَنَّهُ لَا يلْزمه أَكثر مِمَّا عمل والامتناع من غَيره
قَالَ وَكَذَا لَو مَاتَ الرجل فأوصل الْكتاب إِلَى نَائِبه من وَارِث أَو وصّى أجابوه أم لم يُجِيبُوهُ إِلَى آخر كَلَامه
قلت وهى مَسْأَلَة مليحة غير أَن عندنَا وَقْفَة فى كتاب مراسلة يحملهُ أَمِين مُتَبَرّع مُسْتَأْجر فَلَا يجد الْمَكْتُوب إِلَيْهِ إِمَّا لمَوْته أَو لغير ذَلِك فَهَل لَهُ أَن يوصله إِلَى وَارثه أَو وَصِيّه أَو الْحَاكِم أَو أَهله وَنَحْو ذَلِك لقيامهم مقَامه أَو لَيْسَ لَهُ ذَلِك لِأَن الْعَادة قد تقضى بِأَن الْكَاتِب لَا يُعجبهُ وقُوف غير الْمَكْتُوب عَلَيْهِ على مَا كتب وَكَذَلِكَ الْمَكْتُوب إِلَيْهِ
والذى يَقع لى فى هَذَا أَنه إِن غلب على ظَنّه أَن فى الْكتاب مَا يكره الْكَاتِب أَو الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وقُوف غَيرهمَا عَلَيْهِ لم يجز لَهُ أَن يَدْفَعهُ إِلَى من ذَكرْنَاهُ وَدفعه حِينَئِذٍ خِيَانَة تسْقط أجرته بكمالها لَو كَانَ مُسْتَأْجرًا
والبلوى تعم بِمثل هَذَا الْفَرْع فليتنبه لَهُ فَلَقَد حضر شخص بِكِتَاب إِلَى آخر وجده غَائِبا فأوصله إِلَى من ظَنّه يقوم مقَامه لكَونه صاحبا لَهُ فأورث ذَلِك الْكتاب فتْنَة خربَتْ بَيت الْكَاتِب والمكتوب إِلَيْهِ فَلَا ينبغى أَن يُوصل كتاب مراسلة إِلَى من يجوز الْعقل كَرَاهِيَة الْكَاتِب أَو الْمَكْتُوب إِلَيْهِ وقُوف غَيرهمَا عَلَيْهِ بل ينبغى أَن يكون تَحْرِيم ذَلِك مغلظا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute