للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَن أَبَا إِسْحَاق المروزى وَابْن أَبى هُرَيْرَة خالفاه وَقَالا إكذاب نَفسه أَن يَقُول قذفى لَهُ بِالزِّنَا كَانَ بَاطِلا وَلَا يَقُول كنت كَاذِبًا فى قذفى لجَوَاز أَن يكون صَادِقا فَيصير عَاصِيا بكذبه كَمَا كَانَ عَاصِيا بقذفه

وَقد عبر الرافعى رَحمَه الله عَن هَذَا فى كتاب الشَّهَادَات فى كَلَامه على التَّوْبَة بِأَن قَالَ لابد من التَّوْبَة عَن الْقَذْف بالْقَوْل قَالَ الشافعى فى الْمُخْتَصر وَالتَّوْبَة إكذابه نَفسه فَأخذ الإصطخرى بِظَاهِرِهِ وَشرط أَن يَقُول كذبت فِيمَا قَذَفته وَلَا أَعُود إِلَى مثله وَقَالَ الْجُمْهُور لَا يُكَلف أَن يَقُول كذبت فَرُبمَا كَانَ صَادِقا فَكيف نأمره بِالْكَذِبِ وَلَكِن يَقُول الْقَذْف بَاطِل وإنى نادم على مَا فعلت وَلَا أَعُود إِلَيْهِ أَو يَقُول مَا كنت محقا فى قذفى وَقد تبت مِنْهُ وَمَا أشبه ذَلِك

هَذَا كَلَام الرافعى وَفِيه كلامان

أَحدهمَا أَنه نقل عَن الإصطخرى أَن يشْتَرط أَن يَقُول وَلَا أَعُود إِلَى مثله وَهَذَا لَا يعرف عَنهُ وَلَا هُوَ بمتفق عَلَيْهِ إِنَّمَا الذى قَالَه الإصطخرى اشْتِرَاط قَوْله كذبت وَخَالفهُ الْجُمْهُور ثمَّ هَل يحْتَاج أَن يَقُول فى التَّوْبَة وَلَا أَعُود إِلَى مثله فِيهِ وَجْهَان أَحدهمَا لَا يحْتَاج لِأَن الْعَزْم على ترك مثله يغنى عَنهُ والثانى لابد أَن يَقُول لَا أَعُود إِلَى مثله لِأَن القَوْل فى هَذِه التَّوْبَة مُعْتَبر والعزم لَيْسَ بقول هَكَذَا حكى أَصْحَابنَا مِنْهُم صَاحب الحاوى وَغَيره وَلَعَلَّ الْوَجْهَيْنِ مفرعان على اشْتِرَاط مَا يَقُوله الإصطخرى أَو مطلقان فَيشْتَرط أَن يَقُول وَلَا أَعُود إِلَى مثله وَإِن لم يشْتَرط أَن يَقُول كذبت كل هَذَا مُحْتَمل وَبِالْجُمْلَةِ لَيست مَسْأَلَة الإصطخرى مَسْأَلَة لَا أَعُود إِلَى مثله بل تِلْكَ مَسْأَلَة مُسْتَقلَّة إِمَّا من تفاريع قَوْله وَإِمَّا مُطلقَة وَلَعَلَّه الْأَظْهر

والثانى لَوْلَا شَيْء وَاحِد لَكَانَ مَا ذكره الإصطخرى عِنْدِي راجحا أما وَجه رجحانه فَلِأَنَّهُ ظَاهر النَّص ورده بِأَنَّهُ قد يكون صَادِقا فَكيف يَأْمُرهُ بِالْكَذِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>