فَانْظُر كَيفَ ختم كَلَامه بقوله وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق وَقَالَ الْقفال وَذكر صيغتين عِنْده أَن فى كل مِنْهُمَا كِفَايَة وَلذَلِك خير فى أول كَلَامه بَين كل مِنْهُمَا وَزَاد أَو لم أكن محقا فَدلَّ أَن المُرَاد أحد هَذِه الْأَلْفَاظ أَو مَا يشبهها وَأَنه لَيْسَ الْمَقْصُود وَاحِدًا بِعَيْنِه وَلَا أَظن أَصْحَابنَا يَخْتَلِفُونَ فى ذَلِك وَلَا يعينون لفظ إنى نادم كَمَا أوهته عبارَة الرافعى وَمن يتبعهُ وَلَيْسَ مَوضِع اخْتلَافهمْ إِلَّا شَيْئَانِ أَحدهمَا لفظ الْكَذِب قَالَه أَبُو سعيد وَلَا يصدنى عَنهُ إِلَّا قَول الشافعى وَالتَّوْبَة قَوْله الْقَذْف بَاطِل
والثانى لفظ لَا أَعُود لتصريح الماوردى فِيهِ بحكاية الْوَجْهَيْنِ
أما لفظ إنى نادم فَلَا أعرفهُ وَلَا وَجه لَهُ
وَقَالَ الماوردى رَحمَه الله أما الْقَذْف بِالزِّنَا فَلَا يكون بعد النَّدَم والعزم إِلَّا بالْقَوْل لِأَنَّهُ مَعْصِيّة بالْقَوْل كالردة فَيعْتَبر فى صِحَة تَوْبَته ثَلَاثَة شُرُوط أَحدهَا النَّدَم على قذفه والثانى الْعَزْم على ترك مثله وَالثَّالِث إكذاب نَفسه على مَا قَالَه الشافعى فَاخْتلف أَصْحَابنَا فى تَأْوِيله على وَجْهَيْن
أَحدهمَا وَهُوَ قَول أَبى سعيد الإصطخرى أَنه مَحْمُول على ظَاهره وَهُوَ أَن يَقُول وإنى كَاذِب فى قذفى لَهُ بِالزِّنَا وَقد روى عمر أَن النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ (تَوْبَة الْقَاذِف إكذابه نَفسه)
وَالْوَجْه الثانى هُوَ قَول أَبى إِسْحَاق المروزى وأبى على بن أَبى هُرَيْرَة أَن إكذاب نَفسه أَن يَقُول قذفى لَهُ بِالزِّنَا كَانَ بَاطِلا وَلَا يَقُول كنت كَاذِبًا فى قذفى لجَوَاز أَن يكون صَادِقا فَيصير عَاصِيا بكذبه كَمَا كَانَ عَاصِيا بقذفه