وَقَالَ ابْن الصّباغ الْمَذْهَب مَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق وَهُوَ أَن يَقُول الْقَذْف بَاطِل حرَام وَلَا أَعُود إِلَى مَا قلت
وَقَالَ الإصطخرى يَقُول كذبت فِيمَا قلت انْتهى
وَهُوَ فى لَفظه وَلَا أَعُود إِلَى مَا قلت عكس الْمُهَذّب فَإِنَّهُ جعلهَا على قَول أَبى إِسْحَاق فَإِذا أجمع الْمُهَذّب والشامل كَانَ فيهمَا تأييد لنقل الرافعى فَكَأَنَّهُ أَخذ من مجموعها أَنه لابد أَن يَقُول وَلَا أَعُود لِأَن الشَّيْخ أَبَا إِسْحَاق نقلهَا على قَول أَبى سعيد وَابْن الصّباغ نقلهَا على قَول أَبى إِسْحَاق فَكَانَت على الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وعَلى ذَلِك جرى صَاحب التَّهْذِيب كَمَا ستراه فَاتبعهُ الرافعى
وَقَالَ الإِمَام رضى الله عَنهُ فى النِّهَايَة قَالَ الشافعى رضى الله عَنهُ تَوْبَة الْقَاذِف بإكذابه نَفسه وَهَذَا لفظ فى ظَاهره إِشْكَال وفى بَيَان الْمَذْهَب يحصل الْغَرَض فالذى ذهب إِلَيْهِ جَمَاهِير الْأَصْحَاب أَن الْقَاذِف لَا يُكَلف أَن يكذب نَفسه إِذْ رُبمَا يكون صَادِقا فى نسبته الْمَقْذُوف إِلَى الزِّنَا فَلَو كلفناه أَن يكذب نَفسه لَكَانَ ذَلِك تكليفا منا إِيَّاه أَن يكذب وَهَذَا محَال فَالْوَجْه أَن يَقُول أَسَأْت فِيمَا قلت وَمَا كنت محقا وَقد تبت عَن الرُّجُوع إِلَى مثله أبدا وَلَا يُصَرح بتكذيب نَفسه إِلَّا أَن يعلم أَنه كَانَ كَاذِبًا وَهَذَا يبعد علمه وَهَؤُلَاء حملُوا قَول الشافعى على مَا سنصفه فَقَالُوا الْقَاذِف فى الْغَالِب يصف وَيرى من نَفسه أَنه قَالَ حَقًا وَأظْهر مَاله إِظْهَاره فَيرجع مَا ذكره الشافعى من الإكذاب إِلَى هَذَا فَيَقُول قد كنت قلت لى أَن أَقُول مَا قلته وَقد كذبت وأبطلت فِيمَا قدمت
وَقَالَ الإصطخرى لابد أَن يكذب نَفسه وَإِن كَانَ صَادِقا فَإِنَّهُ عز من قَائِل قَالَ {فَإذْ لم يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِك عِنْد الله هم الْكَاذِبُونَ} فَهَذَا لقب أثْبته الشَّرْع فيكذب الْقَاذِف على هَذَا التَّأْوِيل نَفسه فَإِن الشَّرْع سَمَّاهُ كَاذِبًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute