٤ - الحرية: فلا يحد العبد بقذف الحر له، سواء أكان العبد ملكا للقاذف أم لغيره: لان مرتبته تختلف عن مرتبة الحر، وإن كان قذف الحر للعبد محرما لما رواه البخاري ومسلم.
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قذف مملوكه بالزنا أقيم عليه الحد يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال ".
قال العلماء: وإنما كان ذلك في الاخرة لارتفاع الملك، واستواء الشريف والوضيع، والحر والعبد، ولم يكن لاحد فضل إلا بالتقوى، ولما كان ذلك تكافأ الناس في الحدود والحرمة واقتص من كل واحد لصاحبه، إلا أن يعفو المظلوم عن الظالم.
وإنما لم يتكافأوا في الدنيا لئلا تدخل الداخلة على المالكين في مكافأتهم لهم (١) فلا تصح لهم حرمة ولا فضل في منزلة، وتبطل فائدة التسخير.
ومن قذف من يحسبه عبدا فإذا هو حر فعليه الحد، وهو اختيار ابن المنذر، وقال الحسن البصري لا حد عليه.
وأما ابن حزم فإنه رأى غير ما رآه جمهور الفقهاء، فرأى أن قاذف العبد يقام عليه الحد.
وأنه لا فرق بين الحر والعبد في هذه الناحية.
قال: " وأما قولهم لا حرمة للعبد ولا للامة فكلام سخيف. والمؤمن له حرمة عظيمة ".
ورب عبد جلف خير من خليفة قرشي عند الله تعالى.
ورأي ابن حزم هذا رأي وجيه وحق، لو لم يصطدم بالنص المتقدم.
٥ - العفة: وهي العفة عن الفاحشة التي رمي بها سواء أكان عفيفا عن غيرها أم لا، حتى أن من زنا في أول بلوغه ثم تاب وحسنت حالته وامتد عمره فقذفه قاذف، فإنه لا حد عليه.
وإن كان هذا القذف يستوجب التعزير لانه أشاع ما يجب ستره وإخفاؤه.
ما يجب توفره في المقذوف به: أما ما يجب توفره في المقذوف به، فهو التصريح بالزنا أو التعريض
(١) أي لئلا تفسد العلاقة بين السادة والعبيد.