الظاهر، ويستوي في ذلك القول والكتابة.
ومثال التصريح أن يقول موجه الخطاب إلى غيره: " يا زاني " أو يقول عبارة تجري مجرى هذا التصريح، كنفي نسبه عنه.
ومثال التعريض كأن يقول في مقام التنازع: " لست بزان ولا أمي بزانية ".
وقد اختلف العلماء في التعريض..فقال مالك: إن التعريض الظاهر ملحق بالتصريح، لان الكفاية قد تقوم - بعرف العادة والاستعمال - مقام النص الصريح.
وإن كان اللفظ فيها مستعملا في غير موضعه، وقد أخذ عمر رضي الله عنه بهذا الرأي.
روى مالك عن عمرة بنت عبد الرحمن: " أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال أحدهما للاخر: " والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية ".
فاستشار عمر في ذلك.
فقال قائل: مدح أباه وأمه.
وقال آخرون: قد كان لابيه وأمه مدح غير هذا.
نرى أن تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين ".
وذهب ابن مسعود، وأبو حنيفة، والشافعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن حزم، والشيعة، ورواية عن أحمد: إلى أنه لا حد في التعريض، لان التعريض يتضمن الاحتمال، والاحتمال شبهة.
والحدود تدرأ بالشبهات.
إلا أن أبا حنيفة والشافعي يريان تعزير من يفعل ذلك.
قال صاحب الروضة الندية: كاشفا وجه الصواب في هذا:
" التحقيق أن المراد من رمي المحصنات المذكور في كتاب الله عز وجل هو أن يأتي القاذف بلفظ يدل - لغة أو شرعا أو عرفا - على الرمي بالزنا، ويظهر من قرائن الاحوال أن المتكلم لم يرد إلا ذلك، ولم يأت بتأويل مقبول يصح حمل الكلام عليه، فهذا يوجب حد القذف بلا شك ولا شبهة.
وكذلك لو جاء بلفظ لا يحتمل الزنا أو يحتمله احتمالا مرجوحا، وأقر أنه أراد الرمي بالزنا فإنه يجب عليه الحد.