وإذا أمر الحاكم بالقتل ظلما، فإما أن يكون المأمور عالما بأنه ظلم، أو لا يكون له علم به.
فإن كان عالما بأنه ظلم ونفذ أمره، وجب عليه القصاص، إلا أن يعفو الولي، فتجب الدية عليه، لانه مباشر للقتل مع علمه بأنه ظلم، فلا يعذر ولا يقال إنه مأمور من الحاكم، لان قاعدة الاسلام: أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
وإن لم يكن عالما بعدم استحقاقه القتل، فقتله، فالقصاص - إن لم يعف الولي، أو الدية - على الآمر بالقتل، دون المباشر، لانه معذور لوجوب طاعة الحاكم في غير معصية الله.
ومن دفع إلى غير مكلف آلة قتل، ولم يأمره به، فقتل، لم يلزم الدافع شئ.
٥ - ألا يكون القاتل أصلا للمقتول، فلا يقتص من والد بقتل ولده، وولد ولده وإن سفل إذا قتله، بأي وجه من أوجه العمد، بخلاف ما إذا قتل الابن أحد أبويه فإنه يقتل اتفاقا، لان الوالد سبب في حياة ولده، فلا يكون ولده سببا في قتله وسلبه الحياة، بخلاف ما إذا قتل الولد أحد والديه فإنه يقتص منه لهما.
أخرج الترمذي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يقتل الوالد بالولد ".
قال ابن عبد البر:" هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق، مستفيض عندهم، وهو عمل أهل المدينة، ومروي عن عمر ".
وروى يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب: أن رجلا من بني مدلج يقال له " قتادة " حدف ابنا له بالسيف فأصاب ساقه، فنزى جرحه فمات. فقدم سراقة بن جعشم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكر ذلك له. فقال له عمر:" اعدد على " ماء قديد " عشرين ومائة بعير حتى أقدم عليك. فلما قدم عليه عمر، أخذ من تلك الابل ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خلفة. ثم قال: