للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في مكانه يسيرا قبل أن يقوم.

قالت: فنرى - والله أعلم - أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال.

(٢٠) علو الامام أو المأموم:

يكره أن يقف الامام أعلى من المأموم، فعن أبي مسعود الانصاري قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الامام فوق شئ والناس خلفه) يعني أسفل منه، رواه الدارقطني وسكت عنه الحافظ في التلخيص.

وعن همام ابن الحارث أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان (١) فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه (٢) فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، فذكرت حين جذبتني.

رواه أبو داود والشافعي والبيهقي وصححه الحاكم وابن خزيمة وابن حبان.

فإن كان للامام غرض من ارتفاعه على المأموم فإنه لا كراهة حينئذ، فعن سهل بن سعد الساعدي قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جلس على المنبر أول يوم وضع فكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقهري (٣) وسجد في أصل المنبر ثم عاد فلما فرغ أقبل عن الناس فقال: (أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتتعلموا صلاتي) رواه أحمد والبخاري ومسلم.

وأما ارتفاع المأموم على الامام فجائز، لما رواه سعيد بن منصور والشافعي والبيهقي وذكره البخاري تعليقا عن أبي هريرة أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الامام.

وعن أنس أنه كان يجمع في دار أبي نافع عن يمين المسجد في غرفة قدر قامة منها لها باب مشرف على مسجد بالبصرة فكان أنس يجمع فيها ويأتم بالامام، وسكت عليه الصحابة. رواه سعيد بن منصور في سننه.

قال الشوكاني: وأما ارتفاع المؤتم فإن كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلاثمائة ذراع على وجه لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الامام فهو ممنوع بالاجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالاصل الجواز حتى يقوم


(١) المدائن: مدينة كانت بالعراق، دكان. مكان مرتفع.
(٢) جبذه: أخذه بشدة.
(٣) القهقرى: المشي إلى الخلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>