يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرات. رواه أبو داود.
وعن أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنهما قالت: ما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس.
رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود، وعن يعلى بن أمية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر: (ونادوا يا مالك) متفق عليه.
وعن ابن ماجه عن أبي أن الرسول قرأ يوم الجمعة (تبارك) وهو قائم يذكر بأيام الله.
وفي الروضة الندية: ثم اعلم أن الخطبة المشروعة هي ما كان يعتاده صلى الله عليه وسلم من ترغيب الناس وترهيبهم، فهذا
في الحقيقة روح الخطبة الذي لاجله شرعت.
وأما اشتراط الحمد لله أو الصلاة على رسوله أو قراءة شئ من القرآن فجميعه خارج عن معظم المقصود من شرعية الخطبة، واتفاق مثل ذلك في خطبته صلى الله عليه وسلم لا يدل على أنه مقصود متحتم وشرط لازم، ولا يشك منصف أن معظم المقصود هو الوعظ دون ما يقع قبله من الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وقد كان عرف العرب المستمر أن أحدهم إذا أراد أن يقوم مقاما ويقول مقالا شرع بالثناء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وما أحسن هذا وأولاه، ولكن ليس هو المقصود، بل المقصود ما بعد، ولو قال: إن من قام في محفل من المحافل خطيبا ليس له باعث على ذلك إلا أن يصدر منه الحمد والصلاة لما كان هذا مقبولا، بل كان طبع سليم يمجه ويرده.
إذا تقرر هذا عرفت أن الوعظ في خطبة الجمعة هو الذي يساق إليه الحديث فإذا فعله الخطيب فقد فعل الامر المشروع إلا أنه إذا قدم الثناء على الله وعلى رسوله أو استطرد في وعظه القوارع القرآنية كان أتم وأحسن) .
مشروعية القيام للخطبتين والجلوس بينهما جلسة خفيفة: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ثم يقوم كما يفعلون اليوم. رواه الجماعة.
وعن جابر ابن سمرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، فمن قال انه يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة (١) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
وروى ابن
(١) المراد بها الصلوات الخمس.