للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلوات الله وسلامه عليهم، وهم متفاوتون في منازلهم، كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء.

ومنها: أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت (١) .

وهي أرواح بعض الشهداء لاجميعهم، بل من الشهداء من تحبس روحه عن دخول الجنة لدين عليه أو غيره كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله، مالي إن قتلت في سبيل الله؟ قال: " الجنة " فلما ولى، قال: " إلا الدين، سارني به جبريل آنفا.

" ومنهم من يكون محبوسا على باب الجنة، كما في الحديث الاخر: " رأيت صاحبكم محبوسا على باب الجنة.

" ومنهم من يكون محبوسا في قبره كحديث صاحب الشملة التي غلها (٢) ثم استشهد، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده إن الشملة التي غلها لتشتعل عليه نارا في قبره ".

ومنهم من يكون مقره باب الجنة كما في حديث ابن عباس " الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا " رواه أحمد وهذا بخلاف جعفر بن أبي طالب، حيث أبدله الله من يديه جناحين يطير بهما، في الجنة حيث شاء.

ومنهم من يكون محبوسا في الارض، لم تعل روحه إلى الملا الاعلى، فإنها كانت روحا سفلية أرضية، فإن الانفس الارضية لا تجامع الانفس السماوية، كما لا تجامعها في الدنيا، والنفس التي لم تكتسب في الدنيا معرفة ربها ومحبته وذكره والانس به والتقرب إليه، بل هي أرضية سفلية، ولا تكون بعد المفارقة لبدنها إلا هناك، كما أن النفس العلوية التي كانت في الدنيا عاكفة على محبة الله وذكره، والتقرب إليه، والانس به، تكون بعد المفارقة مع الارواح العلوية المناسبة لها، فالمرء مع من أحب في البرزخ ويوم القيامة، والله تعالى يزوج النفوس بعضها ببعض في البرزخ ويوم المعاد ويجعل روحه " يعني المؤمن "


(١) هذا نص الحديث.
(٢) " غلها " أي سرقها من الغنيمة قبل القسمة

<<  <  ج: ص:  >  >>