للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن الحج عبادة مفتقرة إلى مسفاة فافتقر وجوبها إلى ملك الزاد والراحلة، كالجهاد.

ودليل الاصل (١) قوله تعالى: (ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج) إلى قوله: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم، قلت لا أجد ما أحملكم عليه) .

وفي المهذب: وإن وجد ما يشتري به الزاد والراحلة وهو محتاج إليه لدين عليه، لم يلزمه، حالا كان الدين ومؤجلا، لان الدين الحال على الفور، والحج على التراخي، فقدم عليه، والمؤجل يحل عليه، فإذا صرف ما معه في الحج لم يجد ما يقضي به الدين.

قال: وإن احتاج إليه لمسكن لا بد من مثله، أو خادك يحتاج إلى خدمته.

لم يلزمه.

وإن احتاج إلى النكاح - وهو يخاج العنت - قدم النكاح، لان الحاجة إلى ذلك على الفور.

وإن احتاج إليه في بضاعة يتجر فيها، ليحصل منها

ما يحتاج إليه للنفقة، فقد قال أبو العباس، ابن صريح: لا يلزمه الحج، لانه محتاج إليه، فهو كالمسكن والخادم.

وفي المغني: إن كان دين على ملئ باذل له يكفيه للحج لزمه، لانه قادر، وإن كان على معسر، أو تعذر استيفاؤه عليه لم يلزمه.

وعند الشافعية: أنه إذا بذل رجل لاخر راحلة من غير عوض لم يلزمه قبولها، لان عليه في قبول ذلك منة، وفي تحمل المنة مشقة، إلا إذا بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه، لانه أمكنه الحج من غيره منة تلزمه.

وقالت الحنابلة: لا يلزمه الحج ببذل غيره له، ولا يصير مستطيعا بذلك، سواء كان الباذل قريبا أو أجنبيا.

وسواء بذل له الركوب والزاد، أو بذل له مالا.

٥ - أن لا يوجد ما يمنع الناس من الذهاب إلى الحج كالحبس والخوف من سلطان جائر يمنع الناس منه.


(١) " الاصل " أي الجهاد المقيس عليه، فإنه أصل يقاس عليه الفرع. وهو الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>