وفي حديث ابن عباس المتقدم: والمشي والسعي أفضل.
أي السعي في بطن الوادي بين الميلين، والمشي فيما سواه.
فإن مشى دون أن يسعى جاز.
فعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنهما يمشي بين الصفا والمروة.
ثم قال: إن مشيت، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي.
وإن سعيت، فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، فأنا شيخ كبير.
رواه أبو داود الترمذي.
وهذا الندب في حق الرجل.
أما المرأة فإنه لا يندب لها السعي، بل تمشي مشيا عاديا.
روى الشافعي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت - وقد رأت نساء يسعين -: أما لكن فينا أسوة؟ ... ليس عليكن سعي (١)
استحباب الرقي على الصفا والمروة والدعاء عليهما مع استقبال البيت:
يستحب الرقي على الصفا والمروة، والدعاء عليهما بما شاء من أمر الدين والدنيا، مع استقبال البيت.
فالمعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم: أنه خرج من باب الصفا.
فلما دنا من الصفا قرأ: " (إن الصفا والمروة من شعائر الله) .
أبدأ بما بدأ الله به " فبدأ بالصفا فرقي عليه، حتى رأى البيت.
فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره ثلاثا، وحمده وقال: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الاحزاب وحده " ثم دعا بين ذلك، وقال مثل هذا، ثلاث مرات.
ثم نزل ما شيا إلى المروة، حتى أتاها، فرقي عليها، حتى نظر إلى البيت، ففعل على المروة، كما فعل على الصفا.
وعن نافع قال: سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما - وهو على الصفا يدعو - يقول: اللهم إنك قلت: (ادعوني أستحب لكم) وإنك
(١) أي إنهن يمشين ولا يسعين، إذ لا خلاف في وجوب السعي عليهن.