للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن عد ذلك خلقا ذميما، ووصفه بأنه من صفات المنافقين، إلا إذا كانت هناك ضرورة ملزمة تقتضي عدم الوفاء.

ففي الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) .

ولما حضرت الوفاة (عبد الله بن عمر) قال: انظروا فلانا (لرجل من قريش) ، فإني قلت له في ابنتي قولا كشبه العدة، وما أحب أن ألقى الله بثلث النفاق، وأشهدكم أني قد زوجته (١) .

وما قدمه الخاطب من المهر فله الحق في استرداده، لا لانه دفع في مقابل الزواج، وعوضا عنه.

وما دام الزواج لم يوجد، فإن المهر لا يستحق شئ منه، ويجب رده إلى صاحبه، إذ أنه حق خالص له.

وأما الهدايا فحكمها حكم الهبة، والصحيح أن الهبة لا يجوز الرجوع فيها إذا كانت تبرعا محضا لا لاجل العوض.

لان الموهوب له حين قبض العين الموهوبة دخلت في ملكه، وجاز له التصرف فيها، فرجوع الواهب فيها انتزاع لملكه منه بغير رضاه.

وهذا باطل شرعا وعقلا (٢) .

فإذا وهب ليتعوض من هبته ويثاب عليها فلم يفعل الموهوب له، جاز له الرجوع في هبته، وللواهب هنا حق الرجوع فيما وهب، لان هبته على جهة المعاوضة، فلما لم يتم الزواج كان له حق الرجوع فيما وهب، والاصل في ذلك: ١ - ما رواه أصحاب السنن، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده) .

٢ - ورووا عنه أيضا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (العائد في هبته كالعائد في قيئه) .


(١) تذكرة الحفاظ.
(٢) اعلام الموقعين جزء ٢ ص ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>