للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يشتهي بعضهم التمتع ببعض، لان عاطفة الاخوة تكون هي المسؤولية على النفس بحيث لا يبقى لسواها معها موضع ما سلمت الفطرة.

فقضت حكمة الشريعة بتحريم نكاح الاخت حتى يكون لمعتلي الفطرة منفذ لاستبدال داعية الشهوة بعاطفة الاخوة.

وأما العمات والخالات فهن من طينة الاب والام.

وفي الحديث " عم الرجل صنو أبيه ".

أي هما كالصنوان يخرجان من أصل النخلة.

ولهذا المعنى - الذي كانت به صلة العمومة من صلة الابوة، وصلة الخؤولة من صلة الامومة - قالوا: إن تحريم الجدات مندرج في تحريم الامهات وداخل فيه، فكان من محاسن دين الفطرة المحافة على عاطفة صلة العمومة والخؤولة، والتراحم والتعاون بها، وأن لاتنزو الشهوة عليها، وذلك بتحريم نكاح العمات والخالات.

وأما بنات الاخ وبنات الاخت، فهما من الانسان بمنزلة بناته، حيث أن أخاه وأخته كنفسه، وصاحب الفطرة السليمة يجد لهما هذه العاطفة يمن نفسه، وكذا صاحب الفطرة السقيمة، إلا أن عاطفة هذا تكون كفطرته في سقهما.

نعم إن عطف الرجل على بنته يكون أقوى لكونها بضعة منه، نمت وترعرعت بعنايته ورعايته.

وأنسه بأخيه وأخته يكون أقوى من أنسه ببناتهما لما تقدم.

وأما الفرق بين العمات والخالات، وبين بنات الاخوة والاخوات، فهو أن الحب لهؤلاء حب عطف وحنان، والحب لاولئك حب تكريم واحترام.

فهما - من حيث البعد عن مواقع الشهوة - متكافآن.

وانما قدم في النظم الكريم ذكر العمات والخالات، لان الادلاء بهما من الآباء والامهات، فصلتهما أشرف وأعلى من صلة الاخوة والاخوات.

هذه أنواع القرابة القريبة التي يتراحم الناس ويتعاطفون ويتوادون ويتعاونون بها وبما جعل الله لها في النفوس من الحب والحنان والعطف والاحترام! فحرم الله فيها النكاح لاجل أن تتوجه عاطفة الزوجية ومحبتها الى من

<<  <  ج: ص:  >  >>