هَذَا كُلُّهُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ أَصْلًا وَاحِدًا.
وَإِنْ كَانَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ أُصُولًا مُتَعَدِّدَةً، فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِإِفْضَائِهِ إِلَى النَّشْرِ مَعَ إِمْكَانِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْوَاحِدِ مِنْهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ أَقْوَى فِي إِفَادَةِ الظَّنِّ.
وَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ فِي الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَدِلَّ قَصَدَ إِلْحَاقَ الْفَرْعِ بِجَمِيعِ الْأُصُولِ، فَإِذَا وَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْعِ وَبَعْضِ الْأُصُولِ، فَقَدْ تَمَّ مَقْصُودُ الْمُعْتَرِضِ مِنْ إِبْطَالِ غَرَضِ الْمُسْتَدِلِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنَ الْمُعَارَضَةِ فِي كُلِّ أَصْلٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا عَارَضَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، فَقَدْ بَقِيَ قِيَاسُ الْمُسْتَدِلِّ صَحِيحًا عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي لَمْ يُعَارَضْ فِيهِ، وَبِهِ يَتِمُّ الْمَقْصُودُ مِنْ إِثْبَاتِ الْحُكْمِ أَوْ نَفْيِهِ، وَالَّذِينَ أَوْجَبُوا الْمُعَارَضَةَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ.
مِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ اتِّحَادَ الْمُعَارِضِ فِي الْكُلِّ دَفْعًا لِانْتِشَارِ الْكَلَامِ، وَلِأَنْ يَكُونَ مُقَابِلًا فِي اتِّحَادِهِ لِاتِّحَادِ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الْمُعَارَضَةَ فِي كُلِّ أَصْلٍ بِغَيْرِ مَا فِي الْأَصْلِ الْآخَرِ، لِجَوَازِ أَنْ لَا يُسَاعِدَهُ فِي الْكُلِّ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ.
ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ لِلْمُسْتَدِلِّ الِاقْتِصَارُ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ إِذْ بِهِ يَتِمُّ مَقْصُودُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ ذَلِكَ حَيْثُ إِنَّ الْمُسْتَدِلَّ الْتَزَمَ صِحَّةَ الْقِيَاسِ عَلَى الْكُلِّ، وَعَلَى هَذَا يَقَعُ الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ عَارَضَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ الْجَوَابُ أَوْ لَا؟
وَالْوَجْهُ فِي الْجَوَابِ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: مَنْعُ وُجُودِ الْوَصْفِ الْمَعَارَضِ بِهِ فِي الْأَصْلِ.
الثَّانِي: الْمُطَالَبَةُ بِتَأْثِيرِ الْوَصْفِ، إِنْ كَانَ طَرِيقُ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ مِنْ جَانِبِ الْمُسْتَدِلِّ الْمُنَاسَبَةُ أَوِ الشَّبَهُ دُونَ السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute