للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْعَمَ الْجَدَّةَ السُّدُسَ» حَتَّى اعْتَضَدَ بِخَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ.

وَلَمْ يَعْمَلْ عُمَرُ بِخَبَرِ أَبِي مُوسَى حَتَّى اعْتَضَدَ بِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ رَاوِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ مَشْهُورًا بِالْعَدَالَةِ وَالثِّقَةِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، أَوْ أَنَّهُ أَشْهَرُ بِذَلِكَ فَرِوَايَتُهُ مُرَجَّحَةٌ؛ لِأَنَّ سُكُونَ النَّفْسِ إِلَيْهِ أَشَدُّ، وَالظَّنَّ بِقَوْلِهِ أَقْوَى.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ أَعْلَمَ وَأَضْبَطَ مِنَ الْآخَرِ، أَوْ أَوَرَعَ وَأَتْقَى، فَرِوَايَتُهُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ حَالَةَ رِوَايَتِهِ ذَاكِرًا لِلرِّوَايَةِ عَنْ شَيْخِهِ غَيْرَ مُعْتَمِدٍ فِي ذَلِكَ عَلَى نُسْخَةِ سَمَاعِهِ أَوْ خَطِّ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْآخَرِ فَهُوَ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ أَبْعَدَ مِنَ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ.

الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ قَدْ عَمِلَ بِمَا رَوَى، وَالْآخَرُ خَالَفَ مَا رَوَى، فَمَنْ لَمْ يُخَالِفْ رِوَايَتَهُ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَبْعَدَ عَنِ الْكَذِبِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ الْعَمَلُ بِرِوَايَتِهِ.

السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَا مُرْسَلَيْنِ، وَقَدْ عُرِفَ مِنْ حَالِ أَحَدِ الرَّاوِيَيْنِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ كَابْنِ الْمُسَيَّبِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَرِوَايَةُ الْأَوَّلِ تَكُونُ أَوْلَى. (١) السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ رَاوِي أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مُبَاشِرًا لِمَا رَوَاهُ، وَالْآخَرُ غَيْرَ مُبَاشِرٍ، فَرِوَايَةُ الْمُبَاشِرِ تَكُونُ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِمَا رَوَى، وَذَلِكَ كَرِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ» (٢) فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ نَكَحَهَا وَهُوَ حَرَامٌ» (٣) ، لِأَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ هُوَ السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا وَالْقَابِلَ لِنِكَاحِهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ.

الثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ هُوَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ، كَمَا رَوَتْ مَيْمُونَةُ أَنَّهَا قَالَتْ: " «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ وَنَحْنُ حَلَالَانِ» " فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِكَوْنِهَا


(١) إِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ، أَمَّا مَنْ لَا يَحْتَجُّ بِهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَةِ كُلٍّ مِنَ الْخَبَرَيْنِ لِإِثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ.
(٢) حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ؛ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: " تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا ".
(٣) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ بِلَفْظِ: " تَزَوَّجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ " زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. " وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَمَاتَتْ بِسَرِفَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>