للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَعْرَفَ بِحَالِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِهَا لِشِدَّةِ اهْتِمَامِهَا، خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ.

التَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ أَقْرَبَ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَالَ سَمَاعِهِ مِنَ الْآخَرِ، فَرِوَايَتُهُ تَكُونُ أَوْلَى، وَذَلِكَ كَرِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ: إِفْرَادُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ قَرَنَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ تَحْتَ نَاقَتِهِ حِينَ لَبَّى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَنَّهُ سَمِعَ إِحْرَامَهُ بِالْإِفْرَادِ. (١) الْعَاشِرُ: إِذَا كَانَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَالْآخَرُ مِنْ صِغَارِهِمْ فَرِوَايَةُ الْأَكْبَرِ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَالَةَ السَّمَاعِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ( «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى» ) وَلِأَنَّ مُحَافَظَتَهُ عَلَى مَنْصِبِهِ مِمَّا يُوجِبُ التَّحَرُّزَ عَنِ الْكَذِبِ أَكْثَرُ مِنَ الصَّغِيرِ.

الْحَادِي عَشَرَ: إِذَا كَانَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مُتَقَدِّمَ الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاوِي الْآخَرِ فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى؛ إِذْ هِيَ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ لِزِيَادَةِ أَصَالَتِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَحَرُّزِهِ فِيهِ. (٢) الثَّانِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ فَقِيهًا وَالْآخَرُ غَيْرَ فَقِيهٍ، أَوْ هُوَ أَفْقَهُ وَأَعْلَمُ بِالْعَرَبِيَّةِ، فَخَبَرُهُ يَكُونُ مُرَجَّحًا لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِمَا يَرْوِيهِ لِتَمْيِيزِهِ بَيْنَ مَا يَجُوزُ وَمَا لَا يَجُوزُ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ أَفْطَنَ وَأَذْكَى وَأَكْثَرَ تَيَقُّظًا مِنَ الْآخَرِ، فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى لِكَثْرَةِ ضَبْطِهِ.

الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ رِوَايَتُهُ عَنْ حِفْظٍ وَالْآخَرُ عَنْ كِتَابٍ، فَالرَّاوِي عَنِ الْحِفْظِ أَوْلَى لِكَثْرَةِ ضَبْطِهِ.

الْخَامِسَ عَشَرَ: إِنْ كَانَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ مَشْهُورَ النَّسَبِ بِخِلَافِ الْآخَرِ فَرِوَايَتُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ احْتِرَازَهُ عَمَّا يُوجِبُ نَقْصَ مَنْزِلَتِهِ الْمَشْهُورَةِ يَكُونُ أَكْثَرَ.

السَّادِسَ عَشَرَ: إِذَا كَانَ فِي رُوَاةِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ مَنْ يَلْتَبِسُ اسْمُهُ بَاسِمِ بَعْضِ الضُّعَفَاءِ بِخِلَافِ الْآخَرِ، فَالَّذِي لَا يَلْتَبِسُ اسْمُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ.


(١) ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ (زَادِ الْمَعَادِ) أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَدِلَّةَ كُلٍّ مِنْهُمْ مَعَ التَّرْجِيحِ، فَارْجِعْ إِلَيْهِ يُفِيدُكَ عِلْمًا وَمِرَانًا عَلَى الْمُقَارَنَةِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ وَمُنَاقِشَةِ الْأَدِلَّةِ، وَيُرِيكَ كَيْفَ تَجْمَعُ بَيْنَهَا أَوْ تُرَجِّحُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ.
(٢) وَتَحْرِيرِهِ - هَكَذَا فِي النُّسَخِ الْمَطْبُوعَةِ وَفِي الْمَخْطُوطَةِ: " وَتَحَرُّزِهِ " وَقَدْ أَثْبَتْنَا مَا فِي الْمَخْطُوطَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>