للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَيِّهُمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» " (١) وَلَمْ يُرْوَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُعَنْعَنًا، وَطَرِيقُ ثُبُوتِ الْآخَرِ الشُّهْرَةُ مَعَ عَدَمِ النَّكِيرِ، أَوِ الْإِسْنَادُ إِلَى كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ، فَالْمُعَنْعَنُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ.

أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فَلِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي عَدَمِ النَّكِيرِ وَزِيَادَتِهِ عَلَيْهِ بِرِوَايَةِ الْعَدْلِ عَنِ الْعَدْلِ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي: فَلِأَنَّهُ أَسْلَمُ مِنَ الْغَلَطِ وَالتَّلْبِيسِ، وَأَبْعَدُ عَنِ التَّبْدِيلِ وَالتَّصْحِيفِ.

الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِطَرِيقِ الشُّهْرَةِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْنَادِ إِلَى كِتَابٍ مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ، فَالْمُسْنَدُ إِلَى كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ أَنَّ احْتِمَالَ تَطَرُّقِ الْكَذِبِ إِلَى مَا دَخَلَ فِي صَنْعَةِ الْمُحَدِّثِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كُتُبِهِمُ الْمَشْهُورَةِ بِهِمْ وَالْمَنْسُوبَةِ إِلَيْهِمْ أَبْعَدُ مِنِ احْتِمَالِ تَطَرُّقِهِ إِلَى مَا اشْتُهِرَ. وَهُوَ غَيْرُ مَنْسُوبٍ إِلَيْهِمْ، وَلِهَذَا فَإِنَّ كَثِيرًا مَا اشْتُهِرَ مَعَ كَذِبِهِ وَرَدِّ الْمُحَدِّثِينَ لَهُ.

السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُسْنَدًا إِلَى كِتَابٍ مَوْثُوقٍ بِصِحَّتِهِ، كَمُسْلِمٍ وَالْبُخَارِيِّ، وَالْآخَرُ مُسْنَدًا إِلَى كِتَابٍ غَيْرِ مَشْهُورٍ بِالصِّحَّةِ وَلَا بِالسَّقَمِ، كَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَنَحْوِهَا، فَالْمُسْنَدُ إِلَى الْكِتَابِ الْمَشْهُورِ بِالصِّحَّةِ أَوْلَى.

السَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ أَحَدِهِمَا بِقِرَاءَةِ الشَّيْخِ عَلَيْهِ، وَالْآخَرِ بِقِرَاءَتِهِ هُوَ عَلَى الشَّيْخِ أَوْ بِإِجَازَتِهِ أَوْ مُنَاوَلَتِهِ لَهُ أَوْ بِخَطٍّ رَآهُ فِي كِتَابٍ، فَمَا الرِّوَايَةُ فِيهِ بِقِرَاءَةِ الشَّيْخِ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ غَفْلَةِ الشَّيْخِ عَمَّا يَرْوِيهِ.

الثَّامِنُ: أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ أَحَدِهِمَا بِالْمُنَاوِلَةِ وَالْآخَرِ بِالْإِجَازَةِ، فَالْمُنَاوَلَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ غَيْرُ كَافِيَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: " خُذْ هَذَا الْكِتَابَ وَحَدِّثْ بِهِ عَنِّي، فَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَتَكُونُ إِجَازَةً وَزِيَادَةً، وَالْإِجَازَةُ تَكُونُ رَاجِحَةً عَلَى رُؤْيَةِ الْخَطِّ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الْخُطُوطَ مِمَّا تُشْتَبَهُ، وَلَا احْتِمَالَ فِي نِسْبَةِ لَفْظِهِ إِلَيْهِ بِالْإِجَازَةِ.

وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا خَطِّي، فَالْإِجَازَةُ تَكُونُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ لَفْظِ الشَّيْخِ عَلَى الرِّوَايَةِ عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَةِ خَطِّهِ عَلَيْهَا.


(١) انْظُرِ التَّعْلِيقَ ص ١٥٠ ج ٤ ص ٢٣٢ ج ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>