أَنْ يَقُولَ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَقَالَ فُلَانٌ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إِسْمَاعَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا فِي ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَنْ يَقُولَ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا، وَيُحَدِّثُ بِكَذَا، وَيُخْبِرُ بِكَذَا.
وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ مَعَ سُكُوتِ الشَّيْخِ مِنْ غَيْرِ مَا يُوجِبُ السُّكُوتَ عَنِ الْإِنْكَارِ، مِنْ إِكْرَاهٍ أَوْ غَفْلَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ، خِلَافًا لِبَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ رِوَايَتُهُ صَحِيحَةً لَكَانَ سُكُوتُهُ عَنِ الْإِنْكَارِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِسْقًا، لِمَا فِيهِ مِنْ إِيهَامِ صِحَّةِ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَذَلِكَ بَعِيدٌ عَنِ الْعَدْلِ الْمُتَدَيِّنِ.
ثُمَّ اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ عَلَى تَسْلِيطِ الرَّاوِي عَلَى قَوْلِهِ: أَخْبَرَنَا وَحَدَّثَنَا فُلَانٌ قِرَاءَةً عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ قَوْلِهِ: حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا مُطْلَقًا، وَالْأَظْهَرُ امْتِنَاعُهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِنُطْقِ الشَّيْخِ، وَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ مِنْهُ كَذِبٍ.
وَأَمَّا إِجَازَةُ الشَّيْخِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: أَجَزْتُ لَكَ أَنْ تَرْوِيَ عَنِّي الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ، أَوْ مَا صَحَّ عِنْدَكَ مِنْ مَسْمُوعَاتِي، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَازَةِ: فَجَوَّزَهُ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ، وَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى تَسْلِيطِ الرَّاوِي عَلَى قَوْلِهِ: أَجَازَنِي فُلَانٌ كَذَا وَحَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي إِجَازَةً، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ حَدَّثَنِي وَأَخْبَرَنِي مُطْلَقًا.
وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِنُطْقِ الشَّيْخِ بِذَلِكَ وَهُوَ كَذِبٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: لَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِالْإِجَازَةِ مُطْلَقًا.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ (١) مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، إِنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُجِيزُ وَالْمُجَازُ لَهُ قَدْ عَلِمَا مَا فِي الْكِتَابِ الَّذِي أَجَازَ رِوَايَتَهُ، جَازَتْ رِوَايَتُهُ بِقَوْلِهِ: أَخْبَرَنِي وَحَدَّثَنِي.
(١) أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَصَّاصُ الْبَغْدَادِيُّ الْفَقِيهُ الْحَنَفِيُّ مَاتَ سَنَةَ ٣٧٠ عَنْ ٧٥ سَنَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute