للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لِكَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مُسَمَّيَاتِهِ مِمَّا يَطَّرِدُ، بِخِلَافِ الْمَجَازِ كَمَا سَبَقَ، وَمَا يَطَّرِدُ أَوْلَى لِقِلَّةِ اضْطِرَابِهِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ، لِكَوْنِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْمَجَازِ، فَكَانَ أَوْسَعَ فِي اللُّغَةِ وَأَكْثَرَ فَائِدَةً.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لِكَوْنِهِ حَقِيقِيًّا، مِمَّا يَصِحُّ التَّجَوُّزُ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الْحَقِيقِيِّ، بِخِلَافِ الْمَجَازِ، فَكَانَ أَوْلَى لِكَثْرَةِ فَائِدَتِهِ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ وَإِنِ افْتَقَرَ إِلَى قَرِينَةٍ، لَكِنْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ أَدْنَى مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ، بِخِلَافِ الْمَجَازِ، لِافْتِقَارِهِ إِلَى مُغَلِّبَةٍ عَلَى الظَّنِّ، وَأَنْ تَكُونَ رَاجِحَةً عَلَى جِهَةِ ظُهُورِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ، فَكَانَ تَمَكُّنُ الْخَلَلِ مَعَهُ لِذَلِكَ أَكْثَرَ.

الْخَامِسُ: أَنَّ الْمَجَازَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ عَلَاقَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ، تَكُونُ مُصَحِّحَةً لِلتَّجَوُّزِ بِاللَّفْظِ، عَلَى مَا سَلَفَ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ.

السَّادِسُ: أَنَّ الْمَجَازَ لَا يَتِمُّ فَهْمُهُ دُونَ فَهْمِ مَحَلِّ الْحَقِيقَةِ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ مُسْتَعَارًا مِنْهُ، وَفَهْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَدْلُولَاتِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى فَهْمِ غَيْرِهِ، فَكَانَ أَوْلَى.

السَّابِعُ: أَنَّ الْمَجَازَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَصَرُّفِ مَنْ قَبْلَنَا فِي تَحْقِيقِ الْعَلَاقَةِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي التَّجَوُّزِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ الْخَطَأُ فِيهِ: بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ.

الثَّامِنُ: أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ بِاللَّفْظِ فِي جِهَةِ الْمَجَازِ مُخَالَفَةُ الظُّهُورِ فِي جِهَةِ الْحَقِيقَةِ، بِخِلَافِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَمَلِ بِهِ فِي أَحَدِ مَدْلُولَيْهِ مُخَالَفَةُ ظَاهِرٍ أَصْلًا.

التَّاسِعُ: أَنَّ الْمَجَازَ تَابِعٌ لِلْحَقِيقَةِ وَلَا عَكْسَ، فَكَانَ الْمُشْتَرَكُ أَوْلَى.

الْعَاشِرُ: أَنَّ السَّامِعَ لِلْمَجَازِ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِالْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ إِلَى الْمَجَازِ، إِذَا كَانَ هُوَ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ فَقَدْ يُبَادِرُ إِلَى الْعَمَلِ بِالْحَقِيقَةِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ تَرْكُ الْمُرَادِ وَفِعْلُ مَا لَيْسَ بِمُرَادٍ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ ظُهُورِ الْقَرِينَةِ مُطْلَقًا، لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَلَا يَلْزَمُ سِوَى عَدَمِ الْمَقْصُودِ.

فَإِنْ قِيلَ إِلَّا أَنَّ الْمَجَازَ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَوَائِدُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا كَانَ أَبْلَغَ وَأَوْجَزَ وَأَوْفَقَ فِي بَدِيعِ الْكَلَامِ وَنَظْمِهِ وَنَثْرِهِ لِلسَّجْعِ وَالْمُطَابَقَةِ وَالْمُجَانَسَةِ وَاتِّحَادِ الرَّوِيِّ فِي الشِّعْرِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>