للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّانِي: أَنَّ الْعِلَّةَ يَتَكَرَّرُ الْحُكْمُ بِتَكَرُّرِهَا إِجْمَاعًا، وَالشَّرْطُ أَقْوَى مِنَ الْعِلَّةِ لِانْتِفَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِفَائِهِ بِخِلَافِ الْعِلَّةِ، فَكَانَ اقْتِضَاؤُهُ لِلتَّكْرَارِ أَوْلَى.

الثَّالِثُ: أَنَّ نِسْبَةَ الْحُكْمِ إِلَى إِعْدَادِ الشَّرْطِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ نِسْبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِالْمَوْجُودِ الْأَوَّلِ مِنْهَا، دُونَ مَا بَعْدَهُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَلْزَمَ مِنِ انْتِفَاءِ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ ثَانِيًا وَثَالِثًا انْتِفَاؤُهُ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ، أَوْ مِنْ وُجُودِهِ مَعَ الْأَوَّلِ الْوُجُودُ مَعَ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ ضَرُورَةَ التَّسْوِيَةِ. وَالْأَوَّلُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَالثَّانِي هُوَ الْمَطْلُوبُ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ مُقْتَضِيًا لِتَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِجَمِيعِ الشُّرُوطِ، بَلْ بِالْأَوَّلِ مِنْهَا فَيَلْزَمُ، أَنْ يَكُونَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ مَعَ الشَّرْطِ الثَّانِي، دُونَ الْأَوَّلِ، قَضَاءٌ، وَكَانَتْ مُفْتَقِرَةً إِلَى دَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.

الْخَامِسُ: أَنَّ النَّهْيَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ مُفِيدٌ لِلتَّكْرَارِ، كَمَا إِذَا قَالَ " إِنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَلَا تُعْطِهِ دِرْهَمًا " وَالْأَمْرُ ضِدُّ النَّهْيِ، فَكَانَ مُشَارِكًا لَهُ فِي حُكْمِهِ، ضَرُورَةَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الطَّلَبِ وَالِاقْتِضَاءِ.

السَّادِسُ: أَنَّ تَعْلِيقَ الْأَمْرِ عَلَى الشَّرْطِ الدَّائِمِ مُوجِبٌ لِدَوَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِدَوَامِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ (إِذَا وُجِدَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَصُمْهُ) فَإِنَّ الصَّوْمَ يَكُونُ دَائِمًا بِدَوَامِ الشَّهْرِ، وَتَعْلِيقُ الْأَمْرِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُتَكَرِّرِ فِي مَعْنَاهُ فَكَانَ دَائِمًا.

وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ وَالصِّفَةِ غَيْرُ مُقْتَضٍ لِلتَّكْرَارِ، فَحَيْثُ قُضِيَ بِالتَّكْرَارِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ وَالصِّفَةُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ الْمُكَرَّرِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، كَمَا فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ، أَوْ لَا يَكُونُ عِلَّةً لَهُ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ، فَالتَّكْرَارُ إِنَّمَا كَانَ لِتَكَرُّرِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُكْمِ، وَلَا كَلَامَ فِيهِ.

وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَيَجِبُ اعْتِقَادُ كَوْنِهِ مُتَكَرِّرًا لِدَلِيلٍ اقْتَضَاهُ غَيْرُ الْأَمْرِ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ وَالصِّفَةِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ اقْتِضَائِهِ، كَيْفَ وَإِنَّهُ كَمَا قَدْ يَتَكَرَّرُ الْفِعْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ، فَقَدْ لَا يَتَكَرَّرُ كَالْأَمْرِ بِالْحَجِّ، فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَكَرِّرٍ بِتَكَرُّرِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>