للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا احْتِجَاجُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى الْأَنْصَارِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» " (١) وَوَافَقَهُ الْكُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الِاحْتِجَاجِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَفْظُ (الْأَئِمَّةُ) عَامًّا لَمَا صَحَّ الِاحْتِجَاجُ.

وَمِنْهَا إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى إِجْرَاءِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} وَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} وَ {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا} وَ {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} وَ {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} وَ {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» "، " «وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا خَالَتِهَا» "، " «وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ» " إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ.

وَأَمَّا الشُّبَهُ الْمَعْنَوِيَّةُ فَمِنْهَا أَنَّ الْعُمُومَ مِنَ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الْجَلِيَّةِ وَالْحَاجَةُ مُشْتَدَّةٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ فِي التَّخَاطُبِ، وَذَلِكَ مِمَّا تُحِيلُ الْعَادَةُ مَعَ تَوَالِي الْأَعْصَارِ عَلَى أَهْلِ اللُّغَةِ إِهْمَالَهُ وَعَدَمَ تَوَاضُعِهِمْ عَلَى لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَقَاصَرُ فِي دَعْوَى الْحَاجَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَسَائِرِ الْأَعْدَادِ وَالْخَبَرِ وَالِاسْتِخْبَارِ وَالتَّرَجِّي وَالتَّمَنِّي وَالنِّدَاءِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي لَهَا الْأَسْمَاءُ، وَرُبَّمَا وَضَعُوا لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ أَلْفَاظًا مُتَرَادِفَةً مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا وَمِنْهَا مَا يَخُصُّ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبْلُ.

أَمَّا (مَنْ) الِاسْتِفْهَامِيَّةُ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: مَنْ جَاءَكَ؟ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْخُصُوصِ أَوِ الْعُمُومِ أَوْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أَوْ مَوْقُوفَةً، أَوْ لَيْسَتْ مَوْضُوعَةً لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا حَقِيقَةً وَلَا تَجَوُّزًا، وَالْأَوَّلُ مُحَالٌ وَإِلَّا لَمَا حَسُنَ أَنْ يُجَابَ بِجُمْلَةِ الْعُقَلَاءِ، لِكَوْنِهِ جَوَابًا مَا سَأَلَ عَنْهُ، وَلَا جَائِزٌ أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَكَةً أَوْ مَوْقُوفَةً، وَإِلَّا لَمَا حَسُنَ الْجَوَابُ بِشَيْءٍ إِلَّا بَعْدَ


(١) حَدِيثُ الْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَنَسٍ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ "، وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: " لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ "، انْظُرْ تَفْصِيلَ الْقَوْلِ فِي رِوَايَاتِ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ تَلْخِيصِ الْحَبِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>