للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ فِي الْحَالَتَيْنِ.

وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَ حَالَةِ الْمَوْتِ مَعَ وُجُودِ الدَّلِيلِ الظَّاهِرِ الْمُتَنَاوِلِ لِكُلِّ الْأَشْخَاصِ وَاللَّفْظِ الظَّاهِرِ الْمُتَنَاوِلِ لِجَمِيعِ أَوْقَاتِ الْحَيَاةِ.

وَعِنْدَ ذَلِكَ، إِذَا جَازَ رَفْعُ حُكْمِ الْخِطَابِ الظَّاهِرِ الْمُتَنَاوِلِ لِجَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، مَعَ فَرْضِ الْحَيَاةِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْهُ غَيْرَ دَلِيلٍ مُبَيِّنٍ فِي الْحَالِ جَازَ تَخْصِيصُ بَعْضِ مَنْ تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ بِظُهُورِهِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ مُبَيِّنٍ فِي الْحَالِ أَيْضًا؛ لِتَعَذُّرِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ.

وَجَوَابُ الْفَرْقِ الثَّانِي أَنَّ تَأْخِيرَ بَيَانِ التَّخْصِيصِ، وَإِنْ أَوْجَبَ التَّرَدُّدَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَشْخَاصِ الْمُكَلَّفِينَ أَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْخِطَابِ أَمْ لَا، فَتَأْخِيرُ بَيَانِ النَّسْخِ عِنْدَمَا إِذَا أَمَرَ بِعِبَادَةٍ مُتَكَرِّرَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِمَّا يُوجِبُ التَّرَدُّدَ فِي أَنَّ الْعِبَادَةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَدَا الْيَوْمِ الْأَوَّلِ. هَلْ هِيَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْخِطَابِ الْعَامِّ لِجَمِيعِ الْأَيَّامِ أَمْ لَا.

وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، جَازَ فِي الطَّرَفِ الْآخَرِ ضَرُورَةَ تَعَذُّرِ الْفَرْقِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا أَمَرَ بِعِبَادَةٍ فِي وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ أَمْرًا عَامًّا فَإِنَّ مَا مِنْ شَخْصٍ إِلَّا وَيُحْتَمَلُ اخْتِرَامُهُ قَبْلَ دُخُولِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ دُخُولِهِ تَحْتَ الْخِطَابِ الْعَامِّ.

وَذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ التَّرَدُّدَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ مِنَ الْأَشْخَاصِ هَلْ هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ ذَلِكَ الْخِطَابِ إِذَا لَمْ يَرِدِ الْبَيَانُ بِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ إِجْمَاعًا.

شُبَهُ الْمُخَالِفِينَ مِنْهَا مَا يَخْتَصُّ بِتَأْخِيرِ بَيَانِ الْمُجْمَلِ، وَمِنْهَا مَا يَخْتَصُّ بِتَأْخِيرِ بَيَانِ مَا لَهُ ظَاهِرٌ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ.

أَمَّا الشُّبَهُ الْخَاصَّةُ بِالْمُجْمَلِ فَشُبْهَتَانِ: الْأُولَى: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخِطَابِ بِاللَّفْظِ الْمُجْمَلِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مَدْلُولٌ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَبَيْنَ الْخِطَابِ بِلُغَةٍ يَضَعُهَا الْمُخَاطَبُ مَعَ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ.

وَعِنْدَ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِحُسْنِ الْمُخَاطَبَةِ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ لَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا: الْأَوَّلُ: يَلْزَمُ مِنْهُ حُسْنُ الْمُخَاطَبَةِ بِمَا وَضَعَهُ مَعَ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْجَهَالَةِ، وَالثَّانِي أَيْضًا مُمْتَنِعٌ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَالثَّالِثُ: هُوَ الْمَطْلُوبُ.

الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخِطَابِ إِنَّمَا هُوَ التَّفَاهُمُ، وَالْمُجْمَلُ الَّذِي لَا يُعْرَفُ مَدْلُولُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لَهُ فِي الْحَالِ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ التَّفَاهُمُ، فَلَا يَكُونُ مُفِيدًا، وَمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَا تَحْسُنُ الْمُخَاطَبَةُ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ لَغْوًا، وَهُوَ قَبِيحٌ مِنَ الشَّارِعِ كَمَا لَوْ خَاطَبَ بِكَلِمَاتٍ مُهْمَلَةٍ لَمْ تُوضَعْ فِي لُغَةٍ مِنَ اللُّغَاتِ لِمَعْنًى عَلَى أَنْ يُبَيِّنَ الْمُرَادَ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>