بِالصِّفَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ، أَنْ لَوْ بَيَّنَ أَنَّ مَنَاطَ عَدَمِ دَلَالَةِ التَّعْلِيقِ بِالِاسْمِ كَوْنُهُ مَوْضُوعًا لِلتَّمْيِيزِ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.
ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ شُعُورَ الْمُتَكَلِّمِ بِالِاسْمِ الْعَامِّ الْمُقَيَّدِ بِالصِّفَةِ الْخَاصَّةِ بِمَا لَيْسَ لَهُ تِلْكَ الصِّفَةُ (١) أَتَمُّ مِنْ شُعُورِ الْمُتَكَلِّمِ بِاسْمِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْجِنْسِ الْآخَرِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دَلَالَةِ التَّخْصِيصِ بِالِاسْمِ مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ، كَيْفَ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالتَّخْصِيصِ بِالْغَايَةِ فَإِنَّهَا مَقْصُودَةٌ لِلتَّمْيِيزِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ مُخَالِفٌ لِمَا قَبْلَهَا.
الْحُجَّةُ السَّابِعَةُ: أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالصِّفَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَنْ غَيْرِ الْمَوْصُوفِ بِهَا، لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ، وَلَا زَكَاةَ فِي الْمَعْلُوفَةِ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: " «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ» " يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهَا عَنِ الْمَعْلُوفَةِ لَمَا احْتِيجَ إِلَى الْعِبَارَةِ الْأُخْرَى لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَوْنُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ السُّكُوتِ مُسْتَفَادًا مِنْ دَلِيلِ الْخِطَابِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَضْعِ عِبَارَةٍ خَاصَّةٍ إِذْ هُوَ أَبْلَغُ فِي الدَّلَالَةِ وَأَقْرَبُ إِلَى حُصُولِ الْمَقْصُودِ كَمَا لَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ فِي التَّقْيِيدِ " بِالْغَايَةِ " كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
الْحُجَّةُ الثَّامِنَةُ: أَنَّ الْقَوْلَ " «فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ» ، لَهُ دَلَالَةٌ بِمَنْطُوقِهِ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ دَلَالَةُ مَفْهُومٍ لَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ حُكْمُ الْمَنْطُوقِ، وَيَبْقَى حُكْمُ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبْطُلَ حُكْمُ دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَيَبْقَى حُكْمُ صَرِيحِ الْخِطَابِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: دَلِيلُ الْخِطَابِ إِنَّمَا هُوَ مُتَفَرِّعٌ مِنْ تَخْصِيصِ الْحُكْمِ بِالصِّفَةِ فَإِذَا بَطَلَ حُكْمُ الصِّفَةِ، فَلَا تَخْصِيصَ، وَمَعَ عَدَمِ التَّخْصِيصِ، فَلَا دَلَالَةَ لِدَلِيلِ الْخِطَابِ، ثُمَّ هُوَ مَنْقُوضٌ بِالتَّخْصِيصِ بِالْغَايَةِ.
الْحُجَّةُ التَّاسِعَةُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمُتَضَادَّيْنِ مَعًا، فَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: " فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ " دَالًّا عَلَى نَفْيِ الزَّكَاةِ عَنِ الْمَعْلُوفَةِ: لَكَانَ اللَّفْظُ الْوَاحِدُ دَالًّا عَلَى الضِّدَّيْنِ مَعًا: وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
(١) بِمَا لَيْسَ لَهُ تِلْكَ الصِّفَةُ مُتَعَلِّقٌ بِشُعُورٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute