للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: " لَوْلَا الْبَدَاءُ لَحَدَّثْتُكُمْ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَنَقَلُوا عَنْ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: " مَا بَدَا لِلَّهِ تَعَالَى فِي شَيْءٍ كَمَا بَدَا لَهُ فِي إِسْمَاعِيلَ " أَيْ فِي أَمْرِهِ بِذَبْحِهِ.

وَنَقَلُوا عَنْ مُوسَى (١) بْنِ جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ الْبَدَاءُ دِينُنَا وَدِينُ آبَائِنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} ، وَفِي ذَلِكَ قَالَ شَاعِرُهُمْ:

وَلَوْلَا الْبَدَاءُ سَمَّيْتُهُ غَيْرَ هَائِبٍ ... وَذِكْرُ الْبَدَا نَعْتٌ لِمَنْ يَتَقَلَّبُ

وَلَوْلَا الْبَدَا مَا كَانَ فِيهِ تَصَرُّفٌ ... وَكَانَ كَنَارِ دَهْرِهِ يَتَلَهَّبُ

وَكَانَ كَضَوْءٍ مُشْرِقٍ بِطَبِيعَةٍ ... وَبِاللَّهِ عَنْ ذِكْرِ الطَّبَائِعِ يَرْغَبُ

فَلَزِمَ الْيَهُودَ عَلَى ذَلِكَ إِنْكَارُ تَبَدُّلِ الشَّرَائِعِ، وَلَزِمَ الرَّوَافِضَ عَلَى ذَلِكَ وَصْفُ الْبَارِي تَعَالَى بِالْجَهْلِ مَعَ النُّصُوصِ الْقَطْعِيَّةِ وَالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ.

أَمَّا النُّصُوصُ الْكِتَابِيَّةُ فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} ، وَقَوْلِهِ: {وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} ، وَقَوْلِهِ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَأَمَّا الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ فَمَا اسْتَقْصَيْنَاهُ فِي كُتُبِنَا الْكَلَامِيَّةِ.

وَمَا نَقَلُوهُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فَمِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي انْتَحَلَهَا الْكَذَّابُ الثَّقَفِيُّ (٢)


(١) هُوَ مُوسَى الْكَاظِمُ ابْنُ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ ابْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ ابْنِ عَلِيٍّ زَيْنِ الْعَابِدِينَ ابْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيُّ.
(٢) الْكَذَّابُ الثَّقَفِيُّ هُوَ: الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، كَانَ خَارِجِيًّا ثُمَّ زُبَيْرِيًّا ثُمَّ شِيعِيًّا وَكِيسَانِيًّا وَإِلَيْهِ تُنْسَبُ الْمُخْتَارِيَّةُ مِنْ فِرَقِ الشِّيعَةِ، وَمِنْ مَذْهَبِهِ جَوَازُ الْبَدَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الْمِلَلِ لِلشَّهْرَسْتَانِيِّ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ لِعَبْدِ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيِّ، قُتِلَ فِي مَوْقِعَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ بِحَرُورَاءَ عَامَ ٦٧ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>