للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاجِبًا لَمْ يَرْتَفِعْ، وَإِنَّمَا الْمُرْتَفِعُ كَوْنُ غَيْرِهِ يَقُومُ مَقَامَهُ وَذَلِكَ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِمُقْتَضَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ فَرَفْعُهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا شَرْعِيًّا، وَكَذَلِكَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ عَلَى التَّعْيِينِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَاجِبَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، وَوُجُوبُ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ غَيْرُ مُرْتَفِعٍ، وَإِنَّمَا الْمُرْتَفِعُ كَوْنُ غَيْرِهِمَا لَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا، وَذَلِكَ ثَابِتٌ بِمُقْتَضَى النَّفْيِ الْأَصْلِيِّ فَرَفْعُهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا شَرْعِيًّا.

الْفَرْعُ الْخَامِسُ: إِذَا أَوْقَفَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُكْمَ عَلَى شَاهِدَيْنِ بِقَوْلِهِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} فَإِذَا جَوَّزَ الْحُكْمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ نَسْخًا لِلْحُكْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ عَلَى التَّعْيِينِ؟ الْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَسْخٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْآيَةِ جَوَازُ الْحُكْمِ بِالشَّاهِدَيْنِ وَأَنَّ شَهَادَتَهُمَا حُجَّةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ الْحُكْمِ بِحُجَّةٍ أُخْرَى إِلَّا بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَفْهُومِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ كَانَ حُجَّةً فَرَفْعُهُ يَكُونُ نَسْخًا وَلَا يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. (١) الْفَرْعُ السَّادِسُ: إِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عِتْقَ رَقَبَةٍ مُطْلَقَةٍ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، فَتَقْيِيدُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِيمَانِ إِنْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرَادَ بِكَلَامِهِ الدَّلَالَةَ عَلَى أَجْزَاءِ الرَّقَبَةِ الْكَافِرَةِ وَغَيْرِهَا، كَانَ التَّقْيِيدُ بِالْإِيمَانِ نَسْخًا وَلَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ وَالْقِيَاسِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَإِلَّا كَانَ تَقْيِيدًا لِلْمُطْلَقِ لَا نَسْخًا. (٢) الْفَرْعُ السَّابِعُ: إِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى قَطْعَ يَدِ السَّارِقِ وَرِجْلِهِ عَلَى التَّعْيِينِ، فَإِبَاحَةُ قَطْعِ رِجْلِهِ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ رَافِعًا لِعَدَمِ الْإِبَاحَةِ الثَّابِتَةِ بِحُكْمِ الْعَقْلِ الْأَصْلِيِّ، فَلَا يَكُونُ نَسْخًا شَرْعِيًّا وَإِنْ كَانَ رَافِعًا لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ


(١) مَتَّى صَحَّ خَبَرُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ مُطْلَقًا، إِمَّا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ) ، وَإِمَّا لِرُجْحَانِ الْخَبَرِ عَلَيْهِ، إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمَفْهُومَ حَجَّةٌ وَجُهِلَ التَّارِيخُ ; لِأَنَّهُ مَنْطُوقٌ مُتَّفَقٌ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ عِنْدَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي حُجِّيَّةِ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ نَاسِخٌ لَهُ إِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَكَانَ مُتَأَخِّرًا
(٢) يَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ تَقْيِيدًا أَوْ نَسْخًا فَإِنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إِفَادَتِهِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَقَطْ، فَإِفَادَةُ الْمُتَوَاتِرِ لِاسْتِمْرَارِ حُكْمِهِ ظَنِّيَّةٌ مَا دَامَ الْوَحْيُ يَنْزِلُ، فَلَا بُعْدَ فِي أَنْ يُقْطَعَ الِاسْتِمْرَارُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، إِذْ كِلَاهُمَا ظَنِّيٌّ: انْظُرِ التَّعْلِيقَ ٤ ص ١٤٩ ج٣

<<  <  ج: ص:  >  >>