للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ نَسْخًا، فَلَيْسَ نَسْخًا لِمُقْتَضَى النَّصِّ الْأَوَّلِ (لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهِ) .

الْفَرْعُ الثَّامِنُ: إِذَا زِيدَ فِي الطَّهَارَةِ اشْتِرَاطُ غَسْلِ عُضْوٍ زَائِدٍ عَلَى الْأَعْضَاءِ السِّتَّةِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ نَسْخًا لِوُجُوبِ غَسْلِ الْأَعْضَاءِ السِّتَّةِ ; إِذْ هِيَ وَاجِبَةٌ مَعَ وُجُوبِ غَسْلِ الْعُضْوِ الزَّائِدِ، وَلَا لِأَجْزَائِهَا عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهَا مُجْزِئَةً أَنَّ امْتِثَالَ الْأَمْرِ بِفِعْلِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى أَمْرٍ آخَرَ، وَامْتِثَالُ الْأَمْرِ غَيْرُ مُرْتَفِعٍ وَإِنَّمَا الْمُرْتَفِعُ عَدَمُ التَّوَقُّفِ عَلَى شَرْطٍ آخَرَ، وَذَلِكَ الْمُرْتَفِعُ وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ أَمْرٍ آخَرَ إِنَّمَا كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى حُكْمِ الْعَقْلِ الْأَصْلِيِّ، فَلَا يَكُونُ رَفْعُهُ نَسْخًا شَرْعِيًّا.

وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِيمَا إِذَا زِيدَ فِي الصَّلَاةِ شَرْطٌ آخَرُ.

الْفَرْعُ التَّاسِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٧] دَالٌّ عَلَى جَعْلِ أَوَّلِ اللَّيْلِ غَايَةً لِلصَّوْمِ، فَإِيجَابُ صَوْمِ أَوَّلِ اللَّيْلِ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ نَسْخًا لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ مِنْ كَوْنِ أَوَّلِ اللَّيْلِ غَايَةً لِلصَّوْمِ وَظَرْفًا لَهُ؟

وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنْ قُلْنَا: إِنَّ مَفْهُومَ الْغَايَةِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى مَدِّ الْحُكْمِ إِلَى غَايَةٍ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِيمَا بَعْدَ الْغَايَةِ عَلَى خِلَافِ مَا قَبْلَهَا، فَإِيجَابُ صَوْمِ أَوَّلِ اللَّيْلِ لَا يَكُونُ نَسْخًا لِمَدْلُولِ الْآيَةِ، وَإِلَّا كَانَ نَسْخًا وَامْتَنَعَ ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ وَخَبَرِ الْوَاحِدِ. (١) الْفَرْعُ الْعَاشِرُ: إِذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " صَلُّوا إِنْ كُنْتُمْ مُتَطَهِّرِينَ " فَاشْتِرَاطُ شَرْطٍ آخَرَ لَا يَكُونُ نَسْخًا لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَسْخًا لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ مَعَ الطَّهَارَةِ، أَوْ لِأَجْزَائِهَا، أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ آخَرَ، أَوْ لِشَيْءٍ آخَرَ.

لَا سَبِيلَ إِلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مَعَ الطَّهَارَةِ لَمْ يَرْتَفِعْ.

وَالثَّانِي لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ لِمَا سَبَقَ فِي الْفَرْعِ الثَّامِنِ.

وَلَا سَبِيلَ إِلَى الثَّالِثِ لِأَنَّهُ رَفَعَ حُكْمَ الْعَقْلِ الْأَصْلُ، فَلَا يَكُونُ نَسْخًا شَرْعِيًّا.

وَالرَّابِعُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

وَعَلَى هَذَا أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} مُوجِبٌ لِلطَّوَافِ مُطْلَقًا مَعَ الطَّهَارَةِ وَمِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَاشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ


(١) انْظُرِ التَّعْلِيقَ ص ١٧٥ ج٣

<<  <  ج: ص:  >  >>