للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَارِجُ لَازِمًا لِلْخَبَرِ الْكَاذِبِ أَمْكَنَ مُفَارَقَتُهُ لَهُ فَلَا يَكُونُ الْخَبَرُ الْكَاذِبُ قَبِيحًا. (١) الثَّالِثَةُ: لَوْ كَانَ الْخَبَرُ الْكَاذِبُ قَبِيحًا لِذَاتِهِ فَالْمُقْتَضِي لَهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ ثُبُوتِيًّا ضَرُورَةَ اقْتِضَائِهِ لِلْقُبْحِ الثُّبُوتِيِّ، وَهُوَ إِنْ كَانَ صِفَةً لِمَجْمُوعِ حُرُوفِ الْخَبَرِ فَهُوَ مُحَالٌ ; لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِهَا فِي الْوُجُودِ، وَإِنْ كَانَ صِفَةً لِبَعْضِهَا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ أَجْزَاءُ الْخَبَرِ الْكَاذِبِ كَاذِبَةً ; ضَرُورَةَ كَوْنِ الْمُقْتَضِي لِقُبْحِ الْخَبَرِ الْكَاذِبِ إِنَّمَا هُوَ الْكَذِبُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ. (٢) الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ قُبْحُ الْكَذِبِ وَصْفًا حَقِيقِيًّا لَمَا اخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِ الْأَوْضَاعِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ حَيْثُ إِنَّ الْخَبَرَ الْكَاذِبَ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ كَذِبًا وَقَبِيحًا بِوَضْعِ الْوَاضِعِ لَهُ أَمْرًا أَوْ نَهْيًا.

الْخَامِسَةُ: لَوْ كَانَ الْكَذِبُ قَبِيحًا لِذَاتِهِ لَمَا كَانَ وَاجِبًا وَلَا حَسَنًا عِنْدَمَا إِذَا اسْتُفِيدَ بِهِ عِصْمَةُ دَمِ نَبِيٍّ عَنْ ظَالِمٍ يَقْصِدُ قَتْلَهُ.

السَّادِسَةُ: لَوْ كَانَ الظُّلْمُ قَبِيحًا لِكَوْنِهِ ظُلْمًا لَكَانَ الْمَعْلُولُ مُتَقَدِّمًا عَلَى عِلَّتِهِ ; لَأَنَّ قُبْحَ الظُّلْمِ الَّذِي هُوَ مَعْلُولٌ لِلظُّلْمِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الظُّلْمِ، وَلِهَذَا لَيْسَ لِفَاعِلِهِ أَنْ يَفْعَلَهُ وَكَانَ الْقُبْحُ مَعَ كَوْنِهِ وَصْفًا ثُبُوتِيًّا ضَرُورَةَ اتِّصَافِ الْعَدَمِ بِنَقِيضِهِ مُعَلَّلًا بِمَا الْعَدَمُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَفْهُومَ الظُّلْمِ أَنَّهُ إِضْرَارٌ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ، وَلَا اسْتِحْقَاقَ عَدَمٍ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.

السَّابِعَةُ: أَنَّ أَفْعَالَ الْعَبْدِ غَيْرُ مُخْتَارَةٍ لَهُ، وَمَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ حَسَنًا وَلَا قَبِيحًا لِذَاتِهِ إِجْمَاعًا، وَبَيَانُ (غَيْرُ مُخْتَارٍ) أَنَّ فِعْلَهُ إِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ، فَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلَيْهِ لَا مُخْتَارَ لَهُ وَإِنْ جَازَ تَرْكُهُ، فَإِنِ افْتَقَرَ فِي فِعْلِهِ إِلَى مُرَجِّحٍ عَادَ التَّقْسِيمُ، وَهُوَ تَسَلْسُلٌ مُمْتَنِعٌ وَإِلَّا فَهُوَ اتِّفَاقِيٌّ لَا اخْتِيَارِيٌّ.


(١) الْمُقْتَضِي الْقُبْحَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مُخَالَفَةُ الْخَبَرِ الْوَاقِعِ مِنْ مَضَارَّ تُفْسِدُ الْمُجْتَمَعَ، وَتُصِيبُ مَنْ كَذَبَ، وَمَنْ خُدِعَ بِخَبَرِهِ فَصَدَّقَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ رَاجِعًا إِلَى الْخَبَرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَفْظٌ، وَلَا لِعَدَمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَحْدَهُ ; إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ لَا يُسَمَّى كَذِبًا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى مُخَالَفَةِ الْخَبَرِ الْوَاقِعِ الْمُسَمَّاتِ كَذِبًا، وَامْتِنَاعُ تَعْلِيلِ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ إِنَّمَا هُوَ فِي الْعَدَمِيِّ الْمَحْضِ، وَمَا فِيهِ الْبَحْثُ لَيْسَ مِنْهُ
(٢) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُقْتَضِيَ أَمْرٍ ثُبُوتِيٍّ هُوَ إِفْسَادُ الْبِيئَةِ، وَالضَّرَرُ اللَّاحِقُ بِمَنْ كَذَّبَهُ وَبِمَنْ صَدَّقَهُ، وَهُوَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِمُخَالَفَةِ الْمُخْبَرِ لِلْوَاقِعِ وَنَاشِئٌ عَنْهَا وَلَيْسَ صِفَةً لِلْحُرُوفِ وَلَا لِبَعْضِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>