للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي مَفْهُومِهِ، فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الظُّلْمُ عِلَّةَ الْقُبْحِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْأَمْرِ الْوُجُودِيِّ، وَالْعَدَمُ شَرْطُهُ.

وَأَمَّا السَّابِعَةُ: فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ تَعَالَى مُضْطَرًّا إِلَى أَفْعَالِهِ غَيْرَ مُخْتَارٍ فِيهَا لِتَحَقُّقِ عَيْنِ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْقِسْمَةِ فِي أَفْعَالِهِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَيَلْزَمُ أَيْضًا مِنْهَا امْتِنَاعُ الْحُكْمِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْأَفْعَالِ، وَالْجَوَابُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا. (١) وَالْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ فِعْلٌ مِنَ الْأَفْعَالِ حَسَنًا أَوْ قَبِيحًا لِذَاتِهِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَوْنِهِ قَبِيحًا وَحَسَنًا لَيْسَ هُوَ نَفْسَ ذَاتِ الْفِعْلِ، وَإِلَّا كَانَ مَنْ عَلِمَ حَقِيقَةَ الْفِعْلِ عَالِمًا بِحُسْنِهِ وَقُبْحِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَعْلَمَ حَقِيقَةَ الْفِعْلِ وَيَتَوَقَّفَ الْعِلْمُ بِحُسْنِهِ وَقُبْحِهِ عَلَى النَّظَرِ، كَحُسْنِ الصِّدْقِ الضَّارِّ وَقُبْحِ الْكَذِبِ النَّافِعِ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُهُ زَائِدًا عَلَى مَفْهُومِ الْفِعْلِ الْمَوْصُوفِ بِهِ فَهُوَ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ ; لِأَنَّ نَقِيضَهُ وَهُوَ لَا حُسْنَ وَلَا قُبْحَ صِفَةٌ لِلْعَدَمِ الْمَحْضِ فَكَانَ عَدَمِيًّا، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وُجُودِيًّا وَهُوَ قَائِمٌ بِالْفِعْلِ لِكَوْنِهِ صِفَةً لَهُ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ قِيَامُ الْعَرَضِ بِالْعَرَضِ وَهُوَ مُحَالٌ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَرَضَ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْعَرَضِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ قَائِمًا بِالْجَوْهَرِ أَوْ بِمَا هُوَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ قَائِمٌ بِالْجَوْهَرِ، قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ الْمُمْتَنِعِ. وَقِيَامُ الْعَرَضِ بِالْجَوْهَرِ لَا مَعْنًى لَهُ غَيْرَ وُجُودِهِ فِي حَيْثِ الْجَوْهَرِ، تَبَعًا لَهُ فِيهِ. وَقِيَامُ أَحَدِ الْعَرَضَيْنِ بِالْآخَرِ لَا مَعْنًى لَهُ سِوَى أَنَّهُ فِي حَيْثُ الْعَرَضِ الَّذِي قِيلَ إِنَّهُ قَائِمٌ بِهِ، وَحَيْثُ ذَلِكَ الْعَرَضُ هُوَ حَيْثُ الْجَوْهَرِ فَهُمَا فِي حَيْثِ الْجَوْهَرِ وَقَائِمَانِ بِهِ، وَلَا مَعْنًى لِقِيَامِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ قِيَامُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مَشْرُوطًا بِقِيَامِ الْعَرَضِ الْآخَرِ بِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ يَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ اتِّصَافِ الْفِعْلِ بِكَوْنِهِ مُمْكِنًا وَمَعْلُومًا وَمَقْدُورًا وَمَذْكُورًا، وَهُوَ مُحَالٌ. ثُمَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مَعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَدْلُولِهِ.

وَبَيَانُهُ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِدْلَالِ وَالْإِلْزَامِ:

أَمَّا الِاسْتِدْلَالُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:


(١) وَأَيْضًا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ مَجْبُورٌ عَلَى مَا يَصْدُرُ عَنْهُ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>