للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ أَبْيَضَ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ فِيمَا إِذَا دَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ بَيْعِ الرَّصَاصِ نَصٌّ، وَسَوَاءٌ عَلِمْتَ عِلَّةَ الْإِبَاحَةِ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ.

الثَّانِي: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: اقْتِضَاءُ الْعِلَّةِ لِلْحُكْمِ إِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ أَوْ لَا يُعْتَبَرَ، فَإِنِ اعْتُبِرَ لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ عِلَّةً إِلَّا عِنْدَ انْتِفَاءِ الْمُعَارِضِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَاصِلَ قَبْلَ انْتِفَاءِ الْمُعَارِضِ لَيْسَ هُوَ تَمَامُ الْعِلَّةِ بَلْ بَعْضُهَا، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَسَوَاءٌ حَصَلَ الْمُعَارِضُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ يَكُونُ الْحُكْمُ حَاصِلًا، وَذَلِكَ يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْمُعَارِضِ مُعَارِضًا.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُقْتَضِي مُقْتَضِيًا اقْتِضَاءً حَقِيقِيًّا بِالْفِعْلِ وَبَيْنَ كَوْنِ الْمَانِعِ مَانِعًا حَقِيقِيًّا بِالْفِعْلِ ; مُنَافَاةٌ بِالذَّاتِ، وَشَرْطُ طَرَيَانِ أَحَدِ الْمُتَنَافِيَيْنِ بِالذَّاتِ انْتِفَاءُ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ انْتِفَاءُ الْأَوَّلِ لَطَرَيَانِ اللَّاحِقِ، وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ وَحَيْثُ كَانَ شَرْطُ كَوْنِ الْمَانِعِ مَانِعًا خُرُوجَ الْمُقْتَضِي عَنْ كَوْنِهِ مُقْتَضِيًا بِالْفِعْلِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُقْتَضِيًا بِالْفِعْلِ لِأَجْلِ تَحَقُّقٍ، وَإِلَّا لَزِمَ الدَّوْرُ، فَإِذًا الْمُقْتَضِي إِنَّمَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُقْتَضِيًا لَا بِالْمَانِعِ بَلْ بِذَاتِهِ، وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مَا يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْوَصْفَ وَإِنْ وُجِدَ مَعَ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ فَقَدْ وُجِدَ مَعَ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ، وَوُجُودُهُ مَعَ الْحُكْمِ لَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِكَوْنِهِ عِلَّةً لِذَلِكَ الْحُكْمِ، وَوُجُودُهُ مَعَ عَدَمِ الْحُكْمِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِلَّةٍ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ، وَالْوَصْفُ الْحَاصِلُ فِي الْفَرْعِ كَمَا إِنَّهُ مِثْلُ الْوَصْفِ الْحَاصِلِ فِي الْأَصْلِ فَهُوَ مِثْلُ الْوَصْفِ الْحَاصِلِ فِي صُورَةِ النَّقْضِ، وَلَيْسَ إِلْحَاقُهُ بِأَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ، فَلَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ عِلَّةً.

الْخَامِسُ: قَالُوا: لَا طَرِيقَ إِلَى صِحَّةِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ سِوَى جَرَيَانِهَا مَعَ مَعْلُولِهَا، فَإِذَا لَمْ تَجْرِ مَعَهُ لَمْ يَكُنْ إِلَى صِحَّتِهَا طَرِيقٌ.

السَّادِسُ: قَالُوا: الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا، امْتَنَعَ تَخْصِيصُهَا كَالْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>