للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيَاسُ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الرَّسُولِ فِي ذَلِكَ بِوَسَاطَةِ أَخْذِ الزَّكَاةِ لِلْفُقَرَاءِ وَأَرْبَابِ الْمَصَارِفِ (١) .

وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْكَلَالَةِ: " أَقُولُ فِي الْكَلَالَةِ بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ " الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ (٢) .

وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَرَّثَ أُمَّ الْأُمِّ دُونَ أُمِّ الْأَبِ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْأَنْصَارِ: " لَقَدْ وَرَّثْتَ امْرَأَةً مِنْ مَيِّتٍ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ لَمْ يَرِثْهَا، وَتَرَكْتَ امْرَأَةً لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ وَرِثَ جَمِيعَ مَا تَرَكَتْ "، فَرَجَعَ إِلَى التَّشْرِيكِ بَيْنَهُمَا فِي السُّدُسِ (٣) .

وَمِنْ ذَلِكَ حُكْمُ أَبِي بَكْرٍ بِالرَّأْيِ فِي التَّسْوِيَةِ فِي الْعَطَاءِ حَتَّى قَالَ لَهُ عُمَرُ: " كَيْفَ تَجْعَلُ مَنْ تَرَكَ دِيَارَهُ وَأَمْوَالَهُ وَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ كَمَنْ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ كُرْهًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَسْلَمُوا لِلَّهِ وَأُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا الدُّنْيَا بَلَاغٌ "، وَحَيْثُ انْتَهَتِ


(١) الْأَثَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ. . . . . . إِلَخْ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، فَإِنَّ الشَّعْبِيَّ وُلِدَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَيْضًا لَيْسَ فِي الْأَثَرِ قِيَاسٌ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ فِي حُكْمٍ لِجَامِعٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْأَثَرِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ رَأْيًا مُجَرَّدًا وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ أَبُو بَكْرٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِمَّنْ ذَكَرَ وَتَرَكَ مِنَ الْوَرَثَةِ فِي آيَتَيِ الْكَلَالَةِ.
(٢) رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: جَاءَتِ الْجَدَّتَانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ. . . . إِلَخْ، وَالْقَاسِمُ لَمْ يُدْرِكْ أَبَا بَكْرٍ فَالْأَثَرُ مُنْقَطِعٌ. وَأَيْضًا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَنَدَ فِي تَشْرِيكِ الْجَدَّتَيْنِ فِي السُّدُسِ إِلَى مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنَ النَّصِّ، فَطَبَّقَ حَدِيثَ تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ عَلَيْهِمَا.
(٣) هَذَا مِنِ اخْتِلَافِ الِاجْتِهَادِ فِي مَنَاطِ الْعَطَاءِ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَثَرِ إِلْحَاقُ فَرْعٍ بِأَصْلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>